على معنى باعتبار نفسه لا باعتبار أمر خارج عنه ، فإنّه إذا لم يحمل على هذا اقتضى أن يكون معنى الاسم وهو المسمى موجودا في لفظ الاسم وهو محال ، ولذا يكون المعنى : شرح الإعراب باعتبار اللغة البيان ، قلت : هذا تقدير صحيح ، ولكن يبقى الاشكالان الأوّلان وهما أنّ إسقاط الجارّ ليس بقياس وأنّ التزام التنكير حينئذ لا وجه له.
الوجه الثاني : أن يكون تمييزا ، وحينئذ فلا يشكل التزام تنكيره ، ولكنه ممتنع من جهة أنّ التمييز إمّا تفسير للمفرد كرطل زيتا أو تفسير للنسبة كطاب زيد نفسا ، وهنا لم تتقدم نسبة البتّة ، ولا اسم مبهم وضعا ، فإن قلت : أليس الإعراب في الحدّ المذكور يحتمل اللغويّ والاصطلاحيّ فهو مبهم؟ قلنا : الألفاظ المشتركة لا يجيء التمييز باعتبارها ، فلا نقول : رأيت عينا ذهبا على التمييز ، وسرّ ذلك أنّ : المشترك موضوع للدلالة على ذات المسمى باعتبار حقيقته ، وإنما يجيء الإلباس لعدم القرينة أو للجهل بها ، وأسماء العدد ونحوها ممّا يميّز لم توضع للذات باعتبار حقيقتها التي تحصل بالتمييز ، فإنه لا يفهم من عشرين إلا عشرتان من أيّ معدود كان ، فهو موضوع على الإبهام فافتقر إلى التمييز والمشترك إنّما وضع لمعيّن ، والاشتراك إنّما حصل عند السامع ، فإن قلت : يمكن أن يكون من تمييز النسبة بأن يقدّر قبله مضاف ، أي : شرح الإعراب ، فيكون من باب : أعجبني طيبه أبا ، فإنّ كون «أبا» تمييزا إنما هو باعتبار قولك : طيبه لا باعتبار الجملة كلها ، قلت : تمييز النسبة الواقع بعد المتضايفين لا يكون إلا فاعلا في المعنى ، ثم قد يكون مع ذلك فاعلا في الصناعة باعتبار الأصل فيكون محوّلا عن المضاف إليه ، نحو : أعجبني طيب زيد أبا ، إذا كان المراد الثناء على أبي زيد ، فإنّ أصله : أعجبني طيب أبي زيد ، وقد لا يكون كذلك فيكون صالحا لدخول من ، نحو : لله درّه فارسا ، وويحه رجلا ، ووويله إنسانا ، فإنّ الدّرّ بمعنى الخير ، والويح والويل بمعنى الهلاك ، ونسبتهما إلى الرجل نسبة الفعل إلى فاعله ، ومنه : أعجبني طيب زيد أبا ، إذا كان الأب نفس زيد ، وتعلّق الفعل بالمفعول لا بالفاعل ثم إنّا لا نعلم تمييزا جاء باعتبار متضايفين حذف المضاف منهما.
والوجه الثالث : أن يكون مفعولا مطلقا ، والأصل : الإعراب تغيير الآخر لعامل اصطلحوا على ذلك اصطلاحا ، ثم حذف العامل واعترض بالمصدر بين المبتدأ والخبر ، وهذا الوجه مردود أيضا لأنّه ممتنع في قولك : الإعراب لغة البيان ، فإنّ اللغة ليست مصدرا لأنّها ليست اسما لحدث وإنما هي اسم للفظ المسموع ، ولهذا توصف بما توصف به الألفاظ المسموعة فيقال : لغة فصيحة كما يقال كلمة