إنّما كان صوابا |
|
لو أجابوا بيحيّا |
كيف قد ردوا يحيّا |
|
والذي اختاروا يحيّا؟ |
أتراهم في ضلال |
|
أم ترى وجها يحيّا؟ |
قال الشيخ جمال الدين بن هشام : يحتاج في توجيهها إلى تقديم ثلاثة أمور :
أحدها : أنّهم اختلفوا في وزن يحيى فقيل : فعلى وقيل : يفعل. والأوّل أرجح ، لأنّ الثاني فيه دعوى الزيادة حيث لا حاجة.
الثاني : أنّ الحرف التالي لياء التصغير حقّه الكسر كتالي ألف التكسير ، حملا لعلامة التقليل على علامة التكثير ، حملا للنقيض على النقيض.
وأستثني من ذلك مسائل ، منها : أن يكون ذلك الحرف متلوّا بألف التأنيث كحبلى ، صونا لها من الانقلاب.
الثالث : أنه إذا اجتمع في آخر المصغّر ثلاث ياءات ، فإن كانت الثانية زائدة وجب بالإجماع حذف الثالثة منسيّة لا منويّة كعطاء إذا صغّرته تقول : عطيّي بثلاث ياءات : ياء التصغير ، والياء المنقلبة عن ألف المدّ ، والياء المنقلبة عن لام الكلمة ، ثمّ تحذف الثالثة وتوقع الإعراب على ما قبلها وإن كانت غير زائدة. فقال أبو عمرو : لا تحذف لأنّ الاستثقال إنّما كان متأكّدا لكون اثنين منها زائدتين ياء التصغير والياء الأخرى الزائدة.
وقال الجمهور : تحذف نسيا. ومثال ذلك (أحوى) (١) إذا صغّر على قولهم في تصغير أسود أسيّد. فقال أبو عمرو : أقول أحيّي ، ثمّ أعلّه إعلال قاض ، رفعا وجرّا ، وأثبت الياء مفتوحة نصبا.
وقال غيره : تحذف الثالثة في الأحوال كلّها نسيا ثمّ اختلفوا ، فقال عيسى بن عمر : أصرفه لزوال وزن الفعل كما صرفت خيرا وشرّا لذلك. وقال سيبويه (٢) : أمنع صرفه ، وفرّق بين خير (٣) وشرّ وبين هذا ، فإنّ حرف المضارعة محذوف منهما دونه ، وحرف المضارعة يحرز وزن الفعل. ولهذا إذا سمّيت ب (يضع) منعت صرفه.
فإذا تقرّر هذا فنقول : من قال : إن يحيى فعلى قال في تصغيره (يحيّى) كما قال في تصغير حبلى (حبيلى) صونا لعلامة التأنيث عن الانقلاب ، وهو الذي قال الناظم رحمه الله مشيرا إليه : «قال قوم ..» البيت.
ومن قال : إنّ (يفعل) قال فيه على قول سيبويه رحمه الله تعالى (يحي)
__________________
(١ ـ ٢) انظر الكتاب (٣ / ٥٢٥).
(١ ـ ٢) انظر الكتاب (٣ / ٥٢٥).
(٣) انظر الكتاب (٣ / ٥٠٧).