غريبا بمسائل منها : كيف يجمع هبيّ وهبيّة جمع التكسير؟ فقال أبو إسحاق : أقول : هبايّ كما ترى ، فأدغم ، وأصل الياء الأولى عندي السكون ، ولو لا ذلك لأظهرتها ، فقال له الرجل : فلم لا تصرفه إذا كان أصله عندك السكون كما تصرف حمارا؟ فقال : لأنّ حمارا غير مكسّر ، وإنّما هو واحد ، فلذلك صرفته ولم أصرف هبايّ لأنه مكسّر ، قال : وما أنكرت من أن يكونوا أعلّوا العين في هذا الباب وصححوا اللام ، فشبهوا الياء هاهنا التي هي لام بعين المعتل ، ثم أعلوا العين مثل : راية وغاية؟ فقال : هذا مذهب وهو عندي جائز ، ثم قال له أبو إسحاق : أراك تسأل سؤال فهم ، فكيف تصغر هبيّ؟ فقال : أنا مستفهم ، والجواب منك أحسن ، فقال أبو إسحاق : يقال في تصغير : هبييّ ، فتصحح الياء الثانية في الأصل ، وتدغم فيها الياء الأولى التي هي لام الفعل ، وتأتي بياء التصغير ساكنة ، فلا يلزم حذف شيء ، والهبيّ والهبيّة الصّبيّ والصّبيّة ، ثم قال له الرجل : كيف تبني من «قضيت» مثل : جحمرش؟ وهي العجوز ، قال أبو إسحاق : أمّا على مذهب المازني فيقال فيه : قضييّ ، لأنّ اللام الأولى بمنزلة غير المعتل لسكون ما قبلها ، فأشبهت ياء ظبي ، فكأن ليس في الكلام إلّا ياءان ، فصححت الأولى من الأخريين وأعللت الأخيرة ، هذا مذهب أبي عثمان ، والأخفش يقول فيها : قضيا ، قال : أحذف الأخيرة وأقلب الوسطى ألفا لانفتاح ما قبلها ، فقال له الرجل : فكيف تقول منها من «قرأت»؟ فقال أبو إسحاق : يقال : قرأاء ، مثل قرعاع ، وأصله : قرأئيّ وزنه : قرعيع ، فاجتمعت ثلاث همزات ، فقلبت الوسطى منهنّ ياء لاجتماع الهمزات ، ثم قلبتها ألفا لانفتاح ما قبلها ، فقال له : فما وزن كينونة عندك؟ قال : فيعلولة ، وأصلها : كيونونة ، ثم قلبت الواو ياء لسبق الياء لها ساكنة ، وأدغمت الأولى في الثانية فصار كيّنونة ، ثم خفّفت فقيل : كينونة كما قيل في ميّت وهيّن وطيّب : ميت وهين وطيب ، قال : ما الدليل على هذه الدعوى والفراء يزعم أنّها فعلولة (١)؟ قال : الدليل على ذلك ثبات الياء ، لأنّه لو كان أصلا لزمه الاعتلال ، لأنّه لا محالة من الكون ، فكان يجب أن يقال : كونونة ، إن كان أصلها فعلولة بإسكان العين ، وإن كان أصلها فعلولة بتحريك العين فواجب أن يقال : كانونة ، فقال له الرجل : فما تقول في امرأة سمّيت : أرؤس ثم خففت الهمزة كيف تصغّرها؟ فقال : أريس ، ولا أزيد الهاء ، فقال له : ولم وقد صار على ثلاثة أحرف؟ ألست تقول في تصغير هند : هنيدة ، وعين : عيينة؟ فقال الزجاج : هذا مخالف لذلك ، فإنّي ولو خفّفت الهمزة فإنها مقدّرة في الأصل والتخفيف بعد التحقيق ، قال : فلم لا تلحقه بتصغير سماء إذا قلت : سميّة؟ أليس الأصل مقدرا؟ فقال : هذا لا يشبه تصغير
__________________
(١) انظر الإنصاف (ص ٧٩٩).