أقحمت بين المضاف والمضاف إليه ، وتوسّطت بينهما ، كما قيل (١) : «بين العصا ولحائها ، وهي بما حصل بتوسّطها من التكرير معطية معنى التوكيد والتشديد. وهذه اللام لها وجه اعتداد ووجه اطّراح ، فوجه اعتدادها استصلاحها الأب لدخول (لا) الطالبة للنكرات عليه ، ووجه اطّراحها أن لم تسقط لام الأب الواجبة الثبوت عند الإضافة. ونحوه قولهم (٢) : «لا يدي لك» ، سقوط النون مع اللام دليل الاطّراح وتنكّر المضاف وتهيّؤه لدخول (لا) دليل على الاعتداد.
فإن قلت : كيف صحّ قولهم (٣) : «لا أباك»؟
قلت : اللّام مقدّرة منويّة وإن حذفت من اللفظ. والذي شجّعهم على حذفها شهرة مكانها ، وأنه صار معلما لاستفاضة استعمالها فيه ، وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال.
ومنه حذف (لا) في (تَاللهِ تَفْتَؤُا) [يوسف : ٨٥] ، وحذف الجارّ في قول رؤبة : (خير) إذ أصبح عند ما قيل له : كيف أصبحت؟ ومحمل قراءة حمزة (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] عليه سديد ، لأنّ هذا المكان قد شهر بتكرير الجارّ ، فقامت الشهرة مقام الذكر.
أخبرني عن ميمات هنّ بدل وعوض وزيادة ، وعن واحدة هي موصوفة بالجلادة.
البدل نحو إبدال طيّئ الميم من لام التعريف ، والعوض في اللهمّ عوضت من حرف النداء ، والزيادة في نحو : مقتل ومضرب ، والموصوفة بالجلادة هي ميم (فم) ، هي بدل من عين (فوه). قال سيبويه (٤) : أبدلوا منها حرفا أجلد منها. وفي مقامة النحويّ من النصائح (٥) : وتجلّد في المضيّ على عزمك وتصميمه ، ولا تقصّر عمّا في الفم من جلادة ميمه.
أخبرني عن ثالث (مقول) ، أعين هو أم واو مفعول؟
فيه اختلاف سيبويه (٦) والأخفش ، وقد تقدّم في أوّل الكتاب.
أخبرني عن اسم بلد فيه أربعة من الحروف الزوائد ، وكلّها أصول غير واحد (٧).
__________________
(١) انظر المستقصى (١ / ١٧) ، ويضرب لغريب دخل بين نسيبين.
(٢) انظر الكتاب (٢ / ٢٩٠).
(٣) انظر الكتاب (٢ / ٢٨٨).
(٤) انظر الكتاب (٣ / ٤٠٠).
(٥) ذكر محقّق الأحاجي (ص ٤٧٠) أن (النصائح) كتاب للزمخشري ألّفه على أسلوب المقامات.
(٦) انظر الكتاب (٤ / ٤٩١).
(٧) انظر أحاجي الزمخشري (ص ٤٩).