نفى ظرفيّتها بوقوعها صلة ، قالوا : «جاء الذي سواك» ؛ وأجيب بأنه على تقدير «سوى» خبرا لـ «هو» محذوفا أو حالا لـ «ثبت» مضمرا كما قالوا : «لا أفعله ما أنّ حراء مكانه» ؛ ولا يمنع الخبريّة قولهم : «سواءك» بالمد والفتح ، لجواز أن يقال : إنها بنيت لإضافتها إلى المبنيّ كما في «غير».
______________________________________________________
قال ابن مالك : وقد صرح سيبويه أيضا أنها بمعنى غير ، وذلك مستلزم لنفي الظرفية كما هي منتفية عن غير ، فإن الظروف في العرف ما ضمن معنى في أسماء الزمان والمكان وليس سوى ذلك فلا يصح كونه ظرفا ، ولو سلم أنه ظرف فلا نسلم لزومه الظرفية ، وكيف والشواهد قائمة على خلافه نظما ونثرا ، وأكثر من الإتيان بشواهد ذلك ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : «سألت الله تعالى أن لا يسلط على أمتى عدوا من سوى أنفسهم» (١) وقول بعض العرب : أتاني سواك حكاه الفراء (وعند الكوفيين وجماعة أنها ترد بالوجهين) فتارة ترد ظرفا ، كما قاله سيبويه والجمهور وترد أخرى كغير ما قاله الزجاجي وابن مالك فهي إذن ثلاثة أقوال (ورد على من نفى ظرفيتها بوقوعها صلة ، قالوا : جاء الذي سواك) كما تقول جاء الذي مكانك (وأجيب بتقدير سوى خبرا لهو محذوفا) والتقدير : جاء الذي هو سواك أي : غيرك ، لكن هذا التخريج شاذ لأن فيه حذف عائد غير أي مع انتفاء طول الصلة (أو حالا) معمولة (لثبت مضمرا) وذو الحال الضمير العائد على الموصول ، وهو فاعل ثبت أي : جاءني الذي ثبت حالة كونه سواك أي : غيرك (كما قالوا : لا أفعله ما أن حراء مكانه) أي ما ثبت أن حرا مكانه ، فالتشبيه في حذف ثبت لكنه في الأول حذف هو ومرفوعه ، وفي الثاني حذف دون مرفوعه ولما كان على الجواب الأول سواك تقريره : أن يقال سمع في قولهم جاءني الذي سواك المد ، وفتح الهمزة ولو كان سواء خبرا لهو لامتنع النصب ؛ إذ هو غير ظرف بالفرض فلا وجه لنصبه أجاب عنه المصنف بقوله : (ولا يمنع الخبرية قولهم) في المثال المذكور جاءني الذي (سواك بالفتح والمد ، لجواز أن يقال : إنها بنيت لإضافتها إلى المبني كما في غير) حيث قال الشاعر :
لذ بقيس حيث يأبى غيره |
|
تلفه بحرا مفيضا خبره (٢) |
بفتح غير على أنه مبني لإضافته إلى الضمير وهو فاعل بالفعل المذكور.
__________________
(١) أخرج نحوه مسلم ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (٢٨٨٩) ، والترمذي ، كتاب الفتن عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، باب ما جاء في سؤال النبي صلىاللهعليهوسلم ثلاثا في أمته (٢١٧٦) ، وأبو داود ، كتاب الفتن والملاحم ، باب ذكر الفتن ودلائلها (٤٢٥٢).
(٢) البيت من البحر الرمل ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ٣٠٧. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٣ / ١٦١.