تنبيه ـ يخبر بـ «سواء» التي بمعنى «مستو» عن الواحد فما فوقه ، نحو : (لَيْسُوا سَواءً) [آل عمران : ١١٣] لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء ، وقد أجيز في قوله (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] كونها خبرا عمّا قبلها ، أو عمّا بعدها ، أو مبتدأ وما بعدها فاعل على الأول ، ومبتدأ على الثاني ، وخبر على الثالث ؛ وأبطل ابن عمرون الأول بأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، والثاني بأن المبتدأ المشتمل على الاستفهام واجب التقديم ؛ فيقال له : وكذا الخبر ، فإن أجاب بأنه مثل «زيد أين هو» منعناه وقلنا له : بل مثل «كيف زيد» لأن (أَأَنْذَرْتَهُمْ) إذا لم يقدّر بالمفرد لم يكن خبرا ، لعدم تحمله ضمير «سواء» ؛ ...
______________________________________________________
(تنبيه يخبر بسواء التي بمعنى مستو عن الواحد فما فوقه) ولو قال : عن غير لواحد لكان صوابا إذ لا يقال زيد سواء بمعنى مستو إذ الاستواء كالاختصام أمر نسبي لا يتعقل إلا مع التعدد (نحو ليسوا سواء) أي : ليس أهل الكتاب مستوين (؛ لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء) فروعي أصلها فلم تثن ولم تجمع كالمصدر إذا أخبر به عن غير الواحد نحو الزيدان عدل والزيدون عدل (وقد أجيز في قوله تعالى) : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] (كونها) أي كون سواء (خبرا عما قبلها) أي عن الذين : كفروا (أو) خبرا (عما بعدها) وهو أأنذرتهم (أو مبتدأ وما بعدها) وهو أأنذرتهم (فاعل على الأول ، ومبتدأ على الثاني وخبر على الثالث ، وأبطل ابن عمرون) بفتح العين ، ولك فيه الصرف على رأي الأكثرين ومنعه على رأي الفارسي ؛ لشبهه بالأعجمي.
(الأول) وهو كون سواء خبرا عما قبلها وأأنذرتهم فاعلا بها (بأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله) وفاعلية أنذرتهم بسواء مستلزمة لعمل ما قبل الاستفهام فيه ، وليس العامل هنا مما يعلق عن العمل.
(و) أبطل (الثاني) وهو كون سواء خبرا مقدما وأنذرتهم مبتدأ مؤخرا (بأن المبتدأ المشتمل على الاستفهام واجب التقديم) ولم يقدم هنا ، بل هو مؤخر (فيقال له : وكذا الخبر) يجب تقديمه إذا اشتمل على الاستفهام ، فيلزم بطلان كون سواء مبتدأ وأنذرتهم خبره ، وأنت لم تبطل هذا بل اخترته (فإن أجاب بأنه) أي : بأن الخبر هنا جملة وقع الاستفهام في صدرها ؛ لعدم خروج الاستفهام عما يستحقه من التصدر في جملته (مثل زيد أين هو؟ منعناه وقلنا) ، لا نسلم أنه مثله (بل هو مثل كيف زيد) أي : مما الخبر فيه مفرد مشتمل على الاستفهام فيجب تقديمه ؛ (لأن أنذرتهم إن لم يقدر مفردا) بل أبقي على جملته من غير تأويل (لم يكن خبرا لعدم تحمله ضمير سواء) الذي هو مبتدأ والجملة إذا لم تكن نفس المبتدأ في المعنى وجب ربطها بالضمير أو ما يقوم مقامه ، وكلاهما مفقود هنا فإن قلت : وتأويل الجملة بالمفرد على الأول والثاني فيصح