مسألة ـ كثيرا ما تشتبه المعترضة بالحاليّة ، ويميزها منها أمور :
أحدها : أنها تكون غير خبريّة كالأمريّة في (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) [آل عمران : ٧٣ ـ ٧٤] ، كذا مثّل ابن مالك وغيره ، بناء على أنّ (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ) متعلّق بـ «تؤمنوا» ، وأن المعنى : ولا تظهروا تصديقكم بأن أحدا يؤتى من كتب الله مثل ما أوتيتم ، وبأن ذلك الأحد يحاجّونكم عند الله يوم القيامة بالحق فيغلبونكم ، إلا لأهل دينكم لأن ذلك لا يغيّر اعتقادهم بخلاف المسلمين ، فإن ذلك يزيدهم ثباتا ، وبخلاف المشركين ، فإن ذلك يدعوهم إلى الإسلام ، ومعنى الاعتراض حينئذ أن الهدى بيد الله ، فإذا قدّره لأحد لم يضره مكرهم.
والآية محتملة لغير ذلك ، وهي أن يكون الكلام قد تمّ عند الاستثناء ، والمراد : ولا تظهروا الإيمان الكاذب الذي توقعونه وجه النهار وتنقضونه آخره إلا لمن كان منكم كعبد الله بن سلام ثم أسلم ، وذلك لأن إسلامهم كان أغيظ لهم ، ورجوعهم إلى الكفر كان عندهم أقرب ، وعلى هذا فـ (أَنْ يُؤْتى) من كلام الله تعالى ، وهو متعلّق بمحذوف مؤخّر ، أي : لكراهية أن يؤتى أحد دبّرتم هذا الكيد.
وهذا الوجه أرجح لوجهين :
أحدهما : أنه الموافق لقراءة ابن كثير (أَنْ يُؤْتى) بهمزتين ، أي : لكراهية أن يؤتى قلتم ذلك.
والثاني : أنّ في الوجه الأول عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها ، مع أنه ليس في المسائل الثلاث المذكورة آنفا.
وكالدّعائية في قوله [من السريع] :
٥٠٣ ـ إنّ الثّمانين ـ وبلّغتها ـ |
|
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان (١) |
وقوله [من المنسرح] :
٥٠٤ ـ إنّ سليمى ـ والله يكلؤها ـ |
|
ضنّت بشيء ما كان يرزؤها (٢) |
وكالقسميّة في قوله [من الرجز] :
إنّي وأسطار سطرن سطرا
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.