وعلى الثاني فالفتحة للتركيب ، والأصل : ولا تضجرن بنون التوكيد الخفيفة فحذفت للضرورة ، و «لا» ناهية ، والعطف مثله في قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) [النساء : ٣٦].
الثاني : أنه يجوز تصديرها بدليل استقبال ، كالتنفيس في قوله [من الوافر] :
٥٠٧ ـ وما أدري وسوف إخال أدري |
|
[أقوم آل حصن أم نساء](١) |
وأما قول الحوفي في (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الصافات : ٩٩] : إن الجملة حاليّة فمردود ، وك «لن» في (وَلَنْ تَفْعَلُوا) [البقرة : ٢٤] ، وكالشّرط في (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) [محمد : ٢٢] ، (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا) [البقرة : ٢٤٦] ، (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) [النساء : ١٠٢] ، (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأنعام : ١٥] ، (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً) [المزمل : ١٧] ، (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها) [الواقعة : ٨٦ ـ ٨٧] ، وإنما جاز «لأضربنه إن ذهب وإن مكث» ؛ لأن المعنى لأضربنه على كلّ حال ، إذ لا يصحّ أن يشترط وجود الشيء وعدمه لشيء واحد.
والثالث : أنه يجوز اقترانها بالفاء ، كقوله [من الكامل] :
٥٠٨ ـ واعلم فعلم المرء ينفعه |
|
أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (٢) |
وكجملة (فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥] في قول وقد مضى ، وكجملة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٣) [الرحمن : ٣٨] الفاصلة بين (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً) [الرحمن : ٣٧] وبين الجواب وهو (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ) [الرحمن : ٣٩] ، والفاصلة بين (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٦٢) [الرحمن : ٦٢] وبين (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) (٧٠) [الرحمن : ٧٠] وبين صفتيهما ، وهي (مُدْهامَّتانِ) (٦٤) [الرحمن : ٧٤] في الأولى (حُورٌ مَقْصُوراتٌ) [الرحمن : ٧٢] في الثانية ، ويحتملان تقدير مبتدأ ، فتكون الجملة إما صفة وإما مستأنفة.
الرابع : أنه لا يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها بالمضارع المثبت ، كقول المتنبي [من المنسرح] :
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٤ / ٣٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٢٨٨ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٣٧٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣١٣.