٥٠٩ ـ يا حاديي عيرها ، وأحسبني |
|
أوجد ميتا قبيل أفقدها (١) |
٥١٠ ـ قفا قليلا بها عليّ ، فلا |
|
أقلّ من نظرة أزوّدها (٢) |
قوله «أفقدها» على إضمار «أن» ، وقوله : «أقل» يروى بالرفع والنصب.
تنبيه ـ للبيانيّين في الاعتراض اصطلاحات مخالفة لاصطلاح النحويين ، والزمخشريّ يستعمل بعضها ، كقوله تعالى : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٣] : يجوز أن يكون حالا من فاعل (نَعْبُدُ) [البقرة : ١٣٣] أو من مفعوله ؛ لاشتمالها على ضميريهما ، وأن تكون معطوفة على (نَعْبُدُ ،) وأن تكون اعتراضيّة مؤكّدة ، أي : من حالنا أنا مخلصون له التوحيد ، ويردّ عليه مثل ذلك من لا يعرف هذا العلم كأبي حيّان توهّما منه أنه لا اعتراض إلّا ما يقوله النحويّ ، وهو الاعتراض بين شيئين متطالبين.
الجملة الثالثة : التفسيرية ، وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه ، وسأذكر لها أمثلة توضحها :
أحدها : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [الأنبياء : ٣] فجملة الاستفهام مفسّرة للنجوى ، و «هل» هنا للنفي ، ويجوز أن تكون بدلا منها إن قلنا : إن ما فيه معنى القول يعمل في الجمل ، وهو قول الكوفيين ، وأن تكون معمولة لقول محذوف ، وهو حال مثل : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد : ٢٣ ، ٢٤].
الثاني : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥٩) [آل عمران : ٥٩] ، فـ «خلقه» وما بعده تفسير لـ «مثل آدم» ، لا باعتبار ما يعطيه ظاهر لفظ الجملة من كونه قدّر جسدا من طين ثم كون ، بل باعتبار المعنى ، أي : إن شأن عيسى كشأن آدم في الخروج عن مستمر العادة وهو التولّد بين أبوين.
والثالث : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [الصف : ١٠ ـ ١١] ، فجملة «تؤمنون» تفسير لـ «التجارة» ، وقيل : مستأنفة معناها الطلب ، أي آمنوا ، بدليل (يَغْفِرْ) [الصف : ١٢] بالجزم ، كقولهم : «اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» أي : ليتق الله وليفعل يثب ، وعلى الأول فالجزم في جواب الاستفهام ، تنزيلا للسبب وهو الدلالة منزلة المسبب وهو الامتثال.
__________________
(١) البيت من المنسرح ، وهو للمتنبي في ديوانه ٢ / ١٨.
(٢) البيت من المنسرح ، وهو للمتنبي في ديوانه ٢ / ١٩ ، وتاج العروس مادة / لا /.