الرابع : (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) [البقرة : ٢١٤] وجوّز أبو البقاء كونها حاليّة على إضمار «قد» ، والحال لا تأتي من المضاف إليه في مثل هذا.
الخامس : (حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنعام : ٢٥] إن قدّرت «إذا» غير شرطيّة ، فجملة القول تفسير لـ «يجادلونك» ، وإلا فهي جواب ، «إذا» ، وعليهما فـ «يجادلونك» حال.
* * *
تنبيه ـ المفسّرة ثلاثة أقسام : مجرّدة من حرف التفسير كما في الأمثلة السابقة ، ومقرونة بـ «أي» ، كقوله [من الطويل] :
٥١١ ـ وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب |
|
[وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلي](١) |
ومقرونة بـ «أن» نحو : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) [المؤمنون : ٢٧] ، وقولك : «كتبت إليه أن افعل» إن لم تقدّر الباء قبل «أن».
السادس : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف : ٣٥] فجملة «ليسجننّه» قيل : هي مفسّرة للضمير في «بدا» الراجع إلى البداء المفهوم منه ، والتحقيق أنها جواب لقسم مقدّر ، وأنّ المفسّر مجموع الجملتين ، ولا يمنع من ذلك كون القسم إنشاء ؛ لأنّ المفسّر هنا هو المعنى المتحصّل من الجواب ، وهو خبريّ لا إنشائيّ ، وذلك المعنى هو سجنه عليه الصلاة والسّلام ؛ فهذا هو البداء الذي بدا لهم.
ثم اعلم أنه لا يمتنع كون الجملة الإنشائيه مفسّرة بنفسها ، ويقع ذلك في موضعين : أحدهما : أن يكون المفسّر إنشاء أيضا ، نحو : «أحسن إلى زيد أعطه ألف دينار».
والثاني : أن يكون مفردا مؤدّيا معنى جملة ، نحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنبياء : ٣] الآية.
وإنما قلنا فيما مضى إنّ الاستفهام مراد به النفي تفسيرا لما اقتضاه المعنى وأوجبته الصّناعة لأجل الاستثناء المفرّغ ، لا أن التفسير أوجب ذلك. ونظيره : «بلغني عن زيد كلام والله لأفعلنّ كذا».
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٢٣ ، والجنى الداني ص ٢٣٣ ، وجواهر الأدب ص ٢١٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٥٥ ، والدرر ٤ / ٣١.