٥١٥ ـ تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني |
|
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (١) |
فجملة النفي إمّا جواب لعاهدتني كما قال [من الطويل] :
٥١٦ ـ أرى محرزا عاهدته ليوافقن |
|
فكان كمن أغريته بخلاف (٢) |
فلا محل لها ، أو حال من الفاعل أو المفعول أو كليهما فمحلّها النصب ، والمعنى شاهد للجوابيّة ، وقد يحتجّ للحاليّة بقوله أيضا [من الطويل] :
٥١٧ ـ ألم ترني عاهدت ربّي ، وإنني |
|
لبين رتاج قائما ومقام |
٥١٨ ـ على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما |
|
ولا خارجا من فيّ زور كلام (٣) |
وذلك أنه عطف «خارجا» على محلّ جملة «لا أشتم» ، فكأنّه قال : «حلفت غير شاتم ولا خارجا» ، والذي عليه المحقّقون أن «خارجا» مفعول مطلق ، والأصل : ولا يخرج خروجا ، ثم حذف الفعل وأناب الوصف عن المصدر ، كما عكس في قوله تعالى : (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] لأن المراد أنه حلف بين باب الكعبة وبين مقام إبراهيم أنه لا يشتم مسلما في المستقبل ولا يتكلّم بزور ، لا أنه حلف في حال اتّصافه بهذين الوصفين على شيء آخر.
مسألة ـ قال ثعلب : لا تقع جملة القسم خبرا ، فقيل في تعليله : لأن نحو «لأفعلنّ» لا محل له ، فإذا بني على مبتدأ فقيل : «زيد ليفعلن» صار له موضع ، وليس بشيء ، لأنه إنّما منع وقوع الخبر جملة قسميّة ، لا جملة هي جواب القسم ، ومراده أن القسم وجوابه لا يكونان خبرا ، إذ لا تنفكّ إحداهما عن الأخرى ؛ وجملتا القسم والجواب يمكن أن يكون لهما محلّ من الإعراب ، كقولك : «قال زيد أقسم لأفعلنّ» ، وإنما المانع عنده إمّا كون جملة القسم لا ضمير فيها فلا تكون خبرا ، لأنّ الجملتين ههنا ليستا كجملتي الشرط والجزاء ؛ لأن الجملة الثانية ليست معمولة لشيء من الجملة الأولى ، ولهذا منع بعضهم وقوعها صلة ؛ وإمّا كون الجملة ـ أعني جملة القسم ـ إنشائية ، والجملة الواقعة خبرا لا
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٤٢ ، والدرر ١ / ٢٨٤ ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٢٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٦٩ ، ولسان العرب مادة (منه).
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في موصل الطلاب ص ٦٧.
(٣) البيتان من الطويل ، وهما للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢١٢ ، وأمالي المرتضى ١ / ٦٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٢٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٧٠.