المبتدأ المشبه لجواب الشرط محذوفا ، للاستغناء بجواب القسم المقدّر قبله ؛ ونظيره في الاستغناء بجواب القسم المقدّر قبل الشرط المجرّد من لام التوطئة نحو : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَ) [المائدة : ٧٣] التقدير : والله ليمسّ لئن لم ينتهوا يمسّنّ.
تنبيه ـ وقع لمكي وأبي البقاء وهم في جملة الجواب فأعرباها إعرابا يقتضي أن لها موضعا.
فأما مكي فقال في قوله تعالى : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ) [الأنعام : ١٢] إنّ «ليجمعنكم» بدل من «الرحمة» ، وقد سبقه إلى هذا الإعراب غيره ، ولكنّه زعم أن اللام بمعنى «أن» المصدريّة ، وأنّ من ذلك : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف : ٣٥] أي : أن يسجنوه ، ولم يثبت مجيء اللّام مصدريّة ؛ وخلط مكي فأجاز البدليّة مع قوله : إنّ اللام لام جواب القسم ، والصواب أنّها لام الجواب ، وأنها منقطعة مما قبلها إن قدّر قسم ، أو متّصلة به اتصال الجواب بالقسم إن أجري «بدا» مجرى «أقسم» كما أجري «علم» في قوله [من الكامل] :
٥٢٠ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها (١) |
وأمّا أبو البقاء فإنه قال في قوله : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) [آل عمران : ٨١] الآية ، من فتح اللام ففي «ما» وجهان :
أحدهما : أنها موصولة مبتدأ ، والخبر إما (مِنْ كِتابٍ) أي : للذي آتيتكموه من الكتاب ، أو (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) [آل عمران : ٨١] ، واللام جواب القسم لأن أحد الميثاق قسم ، و (جاءَكُمْ) عطف على (آتَيْتُكُمْ ،) والأصل ثم جاءكم به ، فحذف عائد «ما» ، أو الأصل مصدّق له ، ثم ناب الظّاهر عن المضمر ، أو العائد ضمير «استقر» الذي تعلّقت به «مع».
والثاني : أنّها شرطيّة ، واللام موطّئة ، وموضع «ما» نصب بـ «آتيت» ، والمفعول الثاني ضمير المخاطب ، و (مِنْ كُتُبٍ) مثل : (مِنْ آيَةٍ) في (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) [البقرة : ١٠٦] ا ه. ملخصا ، وفيه أمور :
أحدها : أن إجازته كون (مِنْ كُتُبٍ) خبرا فيه الإخبار عن الموصول قبل كمال صلته ، لأن (ثُمَّ جاءَكُمْ) عطف على الصلة.
__________________
(١) تقدم تخريجه.