قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [يونس : ٦٥] ، وقد مرّ البحث فيها.
الخامس : قد يوصل بالمحكيّة غير محكيّ ، وهو الذي يسمّيه المحدّثون مدرجا ، ومنه (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل : ٣٤] بعد حكاية قولها ، وهذه الجملة ونحوها مستأنفة لا يقدّر لها قول.
الباب الثاني من الأبواب التي تقع فيها الجملة مفعولا : باب «ظنّ» و «أعلم» ؛ فإنها تقع مفعولا ثانيا لـ «ظنّ» وثالثا لـ «أعلم» ، وذلك لأن أصلهما الخبر ، ووقوعه جملة سائغ كما مرّ ، وقد اجتمع وقوع خبري «كان» و «إنّ» والثاني من مفعولي باب «ظنّ» جملة في قول أبي ذؤيب [من الطويل] :
٥٣٣ ـ فإن تزعميني كنت أجهل فيكم |
|
فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل (١) |
الباب الثالث : باب التّعليق ، وذلك غير مختص بباب «ظنّ» ، بل هو جائز في كلّ فعل قلبيّ ، ولهذا انقسمت هذه الجملة إلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون في موضع مفعول مقيّد بالجار ، نحو : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) [الأعراف : ١٨٤] ، (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) [الكهف : ١٩] ، (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) (١٢) [الذاريات : ١٢] ، لأن يقال : فكرت فيه ، وسألت عنه ، ونظرت فيه ، ولكن علقت هنا بالاستفهام عن الوصول في اللفظ إلى المفعول ، وهي من حيث المعنى طالبة له ، على معنى ذلك الحرف.
وزعم ابن عصفور أنه لا يعلّق فعل غير «علم» و «ظنّ» حتى يضمّن معناهما ، وعلى هذا فتكون هذه الجملة سادّة مسدّ المفعولين.
واختلف في قوله تعالى : (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران : ٤٤] فقيل : التّقدير : ينظرون أيّهم يكفل مريم ، وقيل : يتعرّفون ، وقيل : يقولون ، فالجملة على التقدير الأول مما نحن فيه ، وعلى الثاني في موضع المفعول به المسرّح ، أي : غير المقيّد بالجارّ ، وعلى الثالث ليست من باب التعليق ألبتّة.
والثاني : أن تكون في موضع المفعول المسرح ، نحو : «عرفت من أبوك» ، وذلك لأنك تقول : «عرفت زيدا» ، وكذا «علمت من أبوك» إذا أردت «علم» بمعنى «عرف» ،
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأضداد ص ١٠٧ ، وتخليص الشواهد ص ٤٢٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٤٩ ، والدرر ٢ / ٢٤٢ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٩٠.