واضطرب في ذلك كلام الزمخشري ، فقال في قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود : ٧] في سورةهود : إنما جاز تعليق فعل البلوى لما في الاختبار من معنى العلم ، لأنه طريق إليه ، فهو ملابس له ، كما تقول : «انظر أيّهم أحسن وجها ، واستمع أيّهم أحسن صوتا» ، لأنّ النظر والاستماع من طريق العلم ، ا ه.
ولم أقف على تعليق النظر البصري والاستماع إلّا من جهته ؛ وقال في تفسير الآية في سورةالملك : ولا يسمّى هذا تعليقا ، وإنما التعليق أن يوقع بعد العامل ما يسدّ مسدّ منصوبيه جميعا كـ «علمت أيّهما عمرو» ألا ترى أنه لا يفترق الحال ـ بعد تقدّم أحد المنصوبين ـ بين مجيء ما له الصّدر وغيره؟ ولو كان تعليقا لافترقا كما افترقا في «علمت زيدا منطلقا» ، و «علمت أزيد منطلق».
* * *
تنبيه ـ فائدة الحكم على محلّ الجملة في التعليق بالنصب ظهور ذلك في التابع ، فتقول : «عرفت من زيد وغير ذلك من أموره». واستدلّ ابن عصفور بقول كثير [من الطويل] :
٥٣٥ ـ وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا |
|
ولا موجعات القلب حتّى تولّت (١) |
بنصب «موجعات» ولك أن تدّعي أن «البكى» مفعول ، وأن «ما» زائدة ، أو أن الأصل «ولا أدري موجعات» ، فيكون من عطف الجمل ، أو أن الواو للحال و «موجعات» اسم «لا» ، أي : وما كنت أدري قبل عزّة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة ما البكاء ؛ ورأيت بخط الإمام بهاء الدين بن النحّاس رحمهالله : أقمت مدة أقول : القياس جواز العطف على محل الجملة المعلّق عنها بالنصب ، ثم رأيته منصوصا ، ا ه.
وممن نصّ عليه ابن مالك ، ولا وجه للتوقّف فيه مع قولهم : إن المعلّق عامل في المحل.
* * *
الجملة الرابعة : المضاف إليها ، ومحلّها الجر ، ولا يضاف إلى الجملة إلا ثمانية :
أحدها : أسماء الزمان ، ظروفا كانت أو أسماء ، نحو : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ)
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لكثير عزة في ديوانه ص ٩٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ١٤٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٧ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٧٥ ، وشرح شواهد المغني ص ٨١٣ ـ ٨٢٤.