[مريم : ٣٣] ، ونحو : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) [إبراهيم : ٤٤] ، ونحو : (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) [غافر : ١٥ ـ ١٦] ، ونحو : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (٣٥) [المرسلات : ٣٥] ألا ترى أن «اليوم» ظرف في الأولى ، ومفعول ثان في الثانية ، وبدل منه في الثالثة ، وخبر في الرابعة ، ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفا لـ «يخفى» من قوله تعالى : (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) [غافر : ١٦].
ومن أسماء الزمان ثلاثة إضافتها إلى الجملة واجبة : «إذ» باتّفاق ، و «إذا» عند الجمهور ، و «لمّا» عند من قال باسميّتها ، وزعم سيبويه أن اسم الزمان المبهم إن كان مستقبلا فهو كـ «إذا» في اختصاصه بالجملة الفعلية ، وإن كان ماضيا فهو كـ «إذ» في الإضافة إلى الجملتين ، فتقول «آتيك زمن يقدم الحاج» ، ولا يجوز «زمن الحاجّ قادم» ؛ وتقول «أتيتك زمن قدم الحاجّ ، وزمن الحاجّ قادم» ، وردّ عليه دعوى اختصاص المستقبل بالفعليّة بقوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ ،) وبقول الشاعر [من الطويل] :
٥٣٦ ـ وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة |
|
بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (١) |
وأجاب ابن عصفور عن الآية بأنه إنّما يشترط حمل الزّمان المستقبل على «إذا» ، إذا كان ظرفا ، وهي في الآية بدل من المفعول به لا ظرف ، ولا يأتي هذا الجواب في البيت ، والجواب الشامل لهما أن يوم القيامة لما كان محقّق الوقوع جعل كالماضي ؛ فحمل على «إذ» ، لا على «إذا» ، على حد (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) [الكهف : ١٠٠].
الثاني : «حيث» ، وتختصّ بذلك عن سائر أسماء المكان ، وإضافتها إلى الجملة لازمة ، ولا يشترط لذلك كونها ظرفا ، وزعم المهدويّ شارح الدّريديّة ـ وليس بالمهدوي المفسّر المقرىء ـ أن حيث في قوله [من الرجز] :
٥٣٧ ـ ثمّت راح في الملبّين إلى |
|
حيث تحجّى المأزمان ومنى (٢) |
لما خرجت عن الظرفيّة بدخول «إلى» عليها خرجت عن الإضافة إلى الجمل ، وصارت الجملة بعدها صفة لها ، وتكلّف تقدير رابط لها ، وهو فيه ، وليس بشيء ؛ لما قدّمنا في أسماء الزمان.
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لسواد بن قارب في الجنى الداني ص ٥٤ ، والدرر ٢ / ١٢٦ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٢٥ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٩٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٧.
(٢) البيت من الرجز ، وهو لابن دريد في ديوانه ص ١٢٠.