الثالث : «آية» بمعنى «علامة» ، فإنها تضاف جوازا إلى الجملة الفعليّة المتصرف فعلها مثبتا أو منفيا بما ، كقوله [من الوافر] :
٥٣٨ ـ بآية يقدمون الخيل شعثا |
|
[كأنّ على سنابكها مداما](١) |
وقوله [من الطويل] :
٥٣٩ ـ [ألكني إلى قومي السّلام رسالة] |
|
بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا (٢) |
وهذا قول سيبويه ، وزعم أبو الفتح إنما تضاف إلى المفرد نحو : (آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) [البقرة : ٢٤٨] ، وقال : الأصل بآية ما يقدمون ، أي بآية إقدامكم ، كما قال [من الوافر] :
٥٤٠ ـ [ألا من مبلغ عنّي تميما] |
|
بآية ما تحبّون الطّعاما (٣) |
وفيه حذف موصول حرفيّ غير «أن» وبقاء صلته ، ثم هو غير متأتّ في قوله :
بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا
الرابع : «ذو» في قولهم «اذهب بذي تسلم» والباء في ذلك ظرفية ، و «ذي» صفة لزمن محذوف ؛ ثمّ قال الأكثرون : هي بمعنى صاحب ، فالموصوف نكرة ، أي : اذهب في وقت صاحب سلامة ، أي : في وقت هو مظنّة السّلامة ؛ وقيل : بمعنى «الذي» فالموصوف معرفة ، والجملة صلة فلا محلّ لها ، والأصل : اذهب في الوقت الذي تسلم فيه ، ويضعفه أن استعمال «ذي» موصولة مختصّ بطيّىء ، ولم ينقل اختصاص هذا الاستعمال بهم ، وأن الغالب عليها في لغتهم البناء ، ولم يسمع هنا إلا الإعراب ، وأن حذف العائد المجرور هو والموصول بحرف متّحد المعنى مشروط باتحاد المتعلّق ، نحو : (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المؤمنون : ٣٣] ، والمتعلق هنا مختلف ، وأن هذا العائد لم يذكر في وقت ؛ وبهذا الأخير يضعف قول الأخفش في (يا أَيُّهَا النَّاسُ) إن «أيا» موصولة و «الناس»
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للأعشى في خزانة الأدب ٦ / ٥١٢ ، ٥١٥ ، ولسان العرب ١٢ / ٢٩٢ مادة / سلم / وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٥٠ ، والدرر ٥ / ٣٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨١١.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لعمرو بن شاس في ديوانه ص ٩٠ ، والدرر ٥ / ٣٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٧٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٥ ، وبلا نسبة في المنطق ٢ / ١٠٣.
(٣) البيت من الوافر ، وهو ليزيد بن عمرو بن الصعق في خزانة الأدب ٦ / ٥١٢ ، والدرر ١ / ٩٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٦ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٠.