٤٤ ـ وأجبت قائل ، كيف أنت، بصالح |
|
حتّى مللت وملّني عوّادي (١) |
* * *
والجملة الخامسة : الواقعة بعد الفاء أو «إذا» جوابا لشرط جازم ؛ لأنها لم تصدّر بمفرد يقبل الجزم لفظا كما في قولك : «إن تقم أقم» أو محلّا كما في قولك «إن جئتني أكرمتك» ، مثال المقرونة بالفاء (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦] ، ولهذا قرىء بجزم «يذر» عطفا على المحل ؛ ومثال المقرونة بـ «إذا» (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] ، والفاء المقدّرة كالموجودة ، كقوله [من البسيط] :
٥٤٥ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
[والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان](٢) |
ومنه عند المبرد ، نحو : «إن قمت أقوم» وقول زهير [من البسيط] :
٥٤٦ ـ وإن أتاه خليل يوم مسغبة |
|
يقول لا غائب مالي ولا حرم |
وهذا أحد الوجهين عند سيبويه ، والوجه الآخر أنه على التقديم والتأخير ، فيكون دليل الجواب لا عينه ، وحينئذ فلا يجزم ما عطف عليه ؛ ويجوز أن يفسر ناصبا لما قبل الأداة ، نحو : «زيدا إن أتاني أكرمه» ، ومنع المبرد تقدير التقديم ، محتجّا بأنّ الشيء إذا حلّ في موضعه لا ينوى به غيره ، وإلا لجاز «ضرب غلامه زيدا» ، وإذا خلا الجواب الذي لم يجزم لفظه من الفاء ، وإذا نحو : «إن قام زيد قام عمرو» فمحلّ الجزم محكوم به للفعل لا للجملة ؛ وكذا القول في فعل الشرط ، قيل : ولهذا جاز نحو : «إن قام ويقعدا أخواك» على إعمال الأول ، ولو كان محلّ الجزم للجملة بأسرها لزم العطف على الجملة قبل أن تكمل.
تنبيه ـ قرأ غير أبي عمرو (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) [المنافقون : ١٠] بالجزم ؛ فقيل : عطف على ما قبله على تقدير إسقاط الفاء ، وجزم (أصدق) ويسمّى العطف على المعنى ، ويقال له في غير القرآن العطف على
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٢ / ٢٧١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٧.
(٢) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٢ / ٢٧١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٧.
(٣) البيت من البسيط ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٥٣ ، والإنصاف ٢ / ٦٢٥ ، وجمهرة اللغة ١٠٨ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٨ ، والدرر ٥ / ٨٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٨.