التوهّم ؛ وقيل : عطف على محل الفاء وما بعدها وهو (أصدق) ومحله الجزم ؛ لأنه جواب التحضيض ، ويجزم بـ «إن» مقدّرة ، وإنه كالعطف على (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦] بالجزم ، وعلى هذا فيضاف إلى الضابط المذكور أن يقال : أو جواب طلب ؛ ولا تقيّد هذه المسألة بالفاء ، لأنّهم أنشدوا على ذلك قوله [من الوافر]:
٥٤٧ ـ فأبلوني بليّتكم لعلّي |
|
أصالحكم وأستدرج نويّا (١) |
وقال أبو علي : عطف «استدرج» على محلّ الفاء الداخلة في التقدير على «لعلّي» وما بعدها ، قلت : فكأن هذا هنا بمنزلة :
٥٤٨ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
[والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان](٢) |
في باب الشرط ، وبعد فالتّحقيق أنّ العطف في الباب من العطف على المعنى ؛ لأن المنصوب بعد الفاء في تأويل الاسم ، فكيف يكون هو والفاء في محل الجزم؟ وسأوضح ذلك في باب أقسام العطف.
* * *
الجملة السادسة : التّابعة لمفرد ، وهي ثلاثة أنواع :
أحدها : المنعوت بها ؛ فهي في موضع رفع في نحو : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) [البقرة : ٢٥٤] ، ونصب في نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ) [البقرة : ٢٨١] ، وجرّ في نحو : (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) [آل عمران : ٩]. ومن مثل المنصوبة المحل (رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً) [المائدة : ١١٤] ، (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) [التوبة : ١٠٣] الآية ؛ فجملة (تَكُونُ لَنا عِيداً) [المائدة : ١١٤] صفة لـ «مائدة» ؛ وجملة (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ) [التوبة : ١٠٣] صفة لـ «صدقة» ؛ ويحتمل أن الأولى حال من ضمير «مائدة» المستتر في (مِنَ السَّماءِ) على تقديره صفة لها لا متعلّقا بأنزل ؛ أو من (مائِدَةً) على هذا التقدير ؛ لأنها قد وصفت ، وأن الثانية حال من ضمير (خذ) ؛ ونحو : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي) [مريم : ٥ ـ ٦] ، أي : وليّا وارثا ، وذلك فيمن رفع
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص ٣٥٠ ، والخصائص ١ / ١٧٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٩ ، وبلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٤٧٤ مادة / علل /.
(٢) تقدم تخريجه.