(وَيَرِثُ ،) وأما من جزمه فهو جواب للدعاء ، ومثل ذلك (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) [القصص : ٣٤] قرىء برفع يصدق وجزمه.
والثاني : المعطوفة بالحرف ، نحو : «زيد منطلق وأبوه ذاهب» ، إن قدّرت الواو عاطفة على الخبر ؛ فلو قدرت العطف على الجملة فلا موضع لها ، أو قدّرت الواو واو الحال فلا تبعيّة والمحل نصب.
وقال أبو البقاء في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣] ، والأصل : فهي تصبح ، والضمير للقصّة ، و (تصبح) خبره ، أو (تصبح) بمعنى أصبحت ، وهو معطوف على (أنزل) فلا محل له إذا ، ا ه.
وفيه إشكالان : أحدهما أنه لا محوج في الظاهر لتقدير ضمير القصة ، والثاني تقديره الفعل المعطوف على الفعل المخبر به لا محلّ له.
وجواب الأول أنه قد يكون قدّر الكلام مستأنفا ، والنحويّون يقدرون في مثل ذلك مبتدأ ، كما قالوا في «وتشرب اللّبن» فيمن رفع : إن التقدير : وأنت تشرب اللبن ، وذلك إمّا لقصدهم إيضاح الاستئناف ، أو لأنه لا يستأنف إلا على هذا التقدير ، وإلا لزم العطف الذي هو مقتضى الظاهر.
وجواب الثاني أن الفاء نزّلت الجملتين منزلة الجملة الواحدة ، ولهذا اكتفى فيهما بضمير واحد ، وحينئذ فالخبر مجموعهما كما في جملتي الشرط والجزاء الواقعتين خبرا ، والمحل لذلك المجموع ، وأما كل منهما فجزء الخبر ؛ فلا محلّ له ، فافهمه فإنه بديع.
ويجب على هذا أن يدّعى أن الفاء في ذلك وفي نظائره من نحو : «زيد يطير الذّباب فيغضب» قد أخلصت لمعنى السّببيّة ، وأخرجت عن العطف ، كما أن الفاء كذلك في جواب الشرط ، في نحو : «أحسن إليك فلان فأحسن إليه» ، ويكون ذكر أبي البقاء للعطف تجوّزا أو سهوا.
ومما يلحق بهذا البحث أنه إذا قيل : «قال زيد عبد الله منطلق وعمرو مقيم» فليست الجملة الأولى في محل نصب والثانية تابعة لها ، بل الجملتان معا في موضع نصب ، ولا محلّ لواحدة منهما ، لأن القول مجموعهما ، وكل منهما جزء للمقول ، كما أنّ جزأي الجملة الواحدة لا محلّ لواحد منهما باعتبار القول ، فتأمله.
الثالث : المبدلة ، كقوله تعالى : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) (٤٣) [فصلت : ٤٣] ، فـ «إنّ» وما عملت فيه بدل من «ما»