الْأَنْفُسُ) [الزخرف : ٧١] ، ونحو : (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المؤمنون : ٣٣] ، والحذف من الصّلة أقوى منه من الصّفة ، ومن الصّفة أقوى منه من الخبر.
وقد يربطها ظاهر يخلف الضمير ، كقوله [من الطويل] :
٦٤٨ ـ فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن |
|
وأنت الّذي في رحمة الله أطمع (١) |
وهو قليل ، قالوا : وتقديره : وأنت الذي في رحمته ، وقد كان يمكنهم أن يقدّروا : في رحمتك ، كقوله [من الطويل] :
٦٤٩ ـ وأنت الّذي أخلفتني ما وعدتني |
|
[وأشمتّ بي من كان فيك يلوم](٢) |
وكأنهم كرهوا بناء قليل على قليل ؛ إذ الغالب «أنت الّذي فعل» وقولهم : «فعلت» قليل ، ولكنه مع هذا مقيس ؛ وأما «أنت الّذي قام زيد» فقليل غير مقيس ، وعلى هذا فقول الزمخشري في قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام : ١] إنه يجوز كون العطف بـ «ثم» على الجملة الفعليّة ضعيف ؛ لأنه يلزمه أن يكون من هذا القليل ، فيكون الأصل كفروا به ، لأن المعطوف على الصّلة صلة ، فلا بدّ من رابط ، وأما إذا قدّر العطف على الحمد لله وما بعده فلا إشكال.
الرابع : الواقعة حالا ، ورابطها إمّا الواو والضّمير ، نحو : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] ، أو الواو فقط ، نحو : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) [يوسف : ١٤] ، ونحو : «جاء زيد والشمس طالعة» ، أو الضمير فقط ، نحو : (تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠]. وزعم أبو الفتح في الصورة الثانية أنه لا بدّ من تقدير الضمير ، أي : طالعة وقت مجيئه ؛ وزعم الزمخشري في الثالثة أنها شاذّة نادرة ، وليس كذلك ؛ لورودها في مواضع من التنزيل ، نحو : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [البقرة : ٣٦] ، (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ، وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرعد : ٤١] ، (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] ، (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠] ، وقد يخلو منهما لفظا فيقدّر
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للمجنون في الدرر ١ / ٢٨٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٩ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٦٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٤٠.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لمعشوقة ابن الدمينة في ديوانه ص ٤٢ ، ولأميمة امرأته في الأغاني ١٧ / ٥٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٨١ ، وبلا نسبة في البيان والتبين.