الألوان ، والصحيح أن «من الظلم» صفة لـ «أسود» ، أي : أسود كائن من جملة الظلم ، وكذا قوله [من الكامل] :
٧٠٨ ـ يلقاك مرتديا بأحمر من دم |
|
ذهبت بخضرته الطّلى والأكبد (١) |
«من دم» إمّا تعليل ، أي : أحمر من أجل التباسه بالدم ، أو صفة كأن السيف لكثرة التباسه بالدم صار دما.
الثامن : قول بعضهم في «سقيا لك» إن اللام متعلّقة بـ «سقيا» ، ولو كان كذا لقيل : سقيا إيّاك ، فإن «سقي» يتعدّى بنفسه.
فإن قيل : اللام للتقوية مثل (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) [البقرة : ٩١].
فلام التقوية لا تلزم ، ومن هنا امتنع في (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) [محمد : ٨] كون «الذين» نصبا على الاشتغال ، لأن «لهم» ليس متعلّقا بالمصدر.
التاسع : قول الزّمخشري في (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [الروم : ٢٣] : إنه من اللّف والنشر ، وإن المعنى منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار ، وهذا يقتضي أن يكون «النّهار» معمولا للابتغاء مع تقديمه عليه ، وعطفه على معمول «منامكم» وهو بالليل ، وهذا لا يجوز في الشّعر ، فكيف في أفصح الكلام؟
وزعم عصريّ في تفسير له على سورتي البقرة وآل عمران في قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) [البقرة : ١٩] أن (مِنَ) متعلّقة بـ «حذر» أو بـ «الموت» ، وفيهما تقديم معمول المصدر ؛ وفي الثاني أيضا تقديم معمول المضاف إليه على المضاف ؛ وحامله على ذلك أنه لو علّقه بـ «يجعلون» وهو في موضع المفعول له لزم تعدّد المفعول له من غير عطف ، إذا كان حذر الموت مفعولا له ؛ وقد أجيب بأن الأول تعليل للجعل مطلقا ، والثاني تعليل له مقيدا بالأول ، والمطلق والمقيد غيران ، فالمعلّل متعدّد في المعنى ، وإن اتحد في اللفظ ، والصواب أن يحمل على أن المنام في الزمانين والابتغاء فيهما.
العاشر : قول بعضهم في (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٨٨] : إن «ما» بمعنى «من» ، ولو كان كذلك لرفع «قليل» على أنه خبر.
الحادي عشر : قول بعضهم في (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) [البقرة : ٩٦] :
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للمتنبي في ديوانه ص ٢ / ٦٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٢٤٠.