الخبر والإيجاب على المبتدأ ، وركّبت «لا» مع الخبر ، فيقال له : فما تقول في نحو «لا طالعا جبلا إلا زيد» لم انتصب خبر المبتدأ؟ فإن قال : إن «لا» عاملة عمل «ليس» ، فذلك ممتنع ، لتقدّم الخبر ، ولانتقاض النفي ، ولتعريف أحد الجزأين ؛ فأما قوله : «يجب كون المعرفة المبتدأ» فقد مر أن الإخبار عن النكرة المخصّصة المقدّمة بالمعرفة جائز ، نحو :
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) [آل عمران : ٩٦].
ومن ذلك قول الفارسي في «مررت برجل ما شئت من رجل» : إن «ما» مصدرية ، وإنها وصلتها صفة لـ «رجل» ، وتبعه على ذلك صاحب التّرشيح ، قال : ومثله قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٨) [الانفطار : ٨] أي : في أي صورة مشيئته أي يشاؤها ؛ وقول أبي البقاء في (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) [آل عمران : ٦٤] إنّ «أن» وصلتها بدل من «سواء» ، وبدل الصّفة صفة ، والحرف المصدريّ وصلته في نحو ذلك معرفة ، فلا يقع صفة للنكرة. وقول بعضهم في (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ) [الهمزة : ١ ـ ٢] إن «الذي» صفة.
والصواب أن «ما» في المثال شرطيّة حذف جوابها ، أي : فهو كذلك ، والصفة الجملتان معا.
وأما الآية الأولى فقال أبو البقاء : «ما» شرطيّة أو زائدة ، وعليهما فالجملة صفة لـ «صورة» ، والعائد محذوف ، أي : عليها ، و «في» متعلقة بركبك ، ا ه. كلامه.
وكان حقه إذ علّق «في» بـ «ركبك» وقال الجملة صفة أن يقطع بأن «ما» زائدة ، إذ لا يتعلّق الشرط الجازم بجوابه ، ولا تكون جملة الشرط وحدها صفة ، والصواب أن يقال : إن قدّرت «ما» زائدة ، فالصفة جملة «شاء» وحدها ، والتقدير شاءها» ، و «في» متعلّقة بـ «ركبك» ، أو باستقرار محذوف هو حال من مفعوله ، أو بـ «عدّلك» ، أي : وضعك في صورة أي صورة ؛ وإن قدّرت «ما» شرطية فالصفة مجموع الجملتين ، والعائد محذوف أيضا ، وتقديره : عليها ، وتكون «في» حينئذ متعلقة بـ «عدّلك» ، أي : عدّلك في صورة أي صورة ، ثم استؤنف ما بعده.
والصواب في الآية الثانية أنها على تقدير مبتدأ.
وفي الثالث أن (الذى) بدل ، أو صفة مقطوعة بتقدير «هو» أو «أذمّ» أو «أعني».
هذا هو الصواب ، خلافا لمن أجاز وصف النكرة بالمعرفة مطلقا ، ولمن أجازه بشرط وصف النكرة أو لا بنكرة ، وهو قول الأخفش ، زعم أن (الأولين) صفة ل