وقر ؛ فحذف المبتدأ ، أو في آذانهم منه وقر ، والجملة خبر «الذين» ، مع إمكان أن يكون لا حذف فيه ؛ فوجهه أنّه لما رأى ما قبل هذه الجملة وما بعدها حديثا في القرآن قدّر ما بينهما كذلك ، ولا يمكن أن يكون حديثا في القرآن إلا على ذلك ، اللهمّ إلّا أن يقدر عطف «الذين» على «الذين» ، و «وقر» على «هدى» ؛ فيلزم العطف على معمولي عاملين ، وسيبويه لا يجيزه ، وعليه فيكون (فِي آذانِهِمْ) نعتا لـ «وقر» قدّم عليه فصار حالا.
وأما قول الفارسي في «أوّل ما أقول إنّي أحمد الله» فيمن كسر الهمزة : إن الخبر محذوف تقديره : ثابت ؛ فقد خولف فيه ، وجعلت الجملة خبرا ، ولم يذكر سيبويه المسألة ، وذكرها أبو بكر في أصوله ، وقال : الكسر على الحكاية ، فتوهّم الفارسي أنه أراد الحكاية بالقول المذكور ، فقدّر الجملة منصوبة المحل ، فبقي له المبتدأ بلا خبر فقدّره ، وإنما أراد أبو بكر أنه حكي لنا اللفظ الذي يفتتح به قوله.
خاتمة ـ وإذ قد انجرّ بنا القول إلى ذكر الحذف فلنوجه القول إليه ؛ فإنه من المهمات ، فنقول :
ذكر شروطه ـ وهي ثمانية :
أحدها : وجود دليل حاليّ ، كقولك لمن رفع سوطا : «زيدا» بإضمار «اضرب» ، ومنه (قالُوا سَلاماً) [هود : ٦٩ ، الفرقان : ٦٣] أي : سلّمنا سلاما ، أو مقاليّ ، كقولك لمن قال : من أضرب؟ «زيدا» ، ومنه (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [النحل : ٣٠]. وإنما يحتاج إلى ذلك إذا كان المحذوف الجملة بأسرها كما مثّلنا ، أو أحد ركنيها نحو : (قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) [الذاريات : ٢٥] أي : سلام عليكم أنتم قوم منكرون ، فحذف خبر الأولى ومبتدأ الثانية ، أو لفظا يفيد معنى فيها هي مبنيّة عليه ، نحو : (تَاللهِ تَفْتَؤُا) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ ؛ وأمّا إذا كان المحذوف فضلة فلا يشترط لحذفه وجدان الدليل ، ولكن يشترط أن لا يكون في حذفه ضرر معنويّ كما في قولك : «ما ضربت إلّا زيدا» أو صناعيّ كما في قولك : «زيد ضربته» ، وقولك : «ضربني وضربته زيد» ، وسيأتي شرحه.
ولاشتراط الدليل فيما تقدّم امتنع حذف الموصوف في نحو : «رأيت رجلا أبيض» بخلاف نحو : «رأيت رجلا كاتبا» ، وحذف المضاف في نحو : «جاءني غلام زيد» بخلاف نحو : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] ، وحذف العائد في نحو : «جاء الذي هو في الدار» بخلاف نحو : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩] ، وحذف المبتدأ إذا كان ضمير الشأن ، لأنّ ما بعده جملة تامة مستغنية عنه ، ومن ثم جاز حذفه في باب «إنّ» ، نحو : «إنّ بك