المثبت الخالي من «قد» ؛ وفي «إنها لإبل أم شاء» إن التقدير : أم هي شاء ، لأن «أم» المنقطعة لا تعطف إلّا الجمل ؛ وفي قوله [من الخفيف] :
٧٨٦ ـ إنّ من لام في بني بنت حسّا |
|
ن ألمه وأعصه في الخطوب (١) |
إن التقدير : إنه أي الشأن ، لأن اسم الشّرط لا يعمل فيه ما قبله ، ومثله قول المتنبي [من الطويل] :
٧٨٧ ـ وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه |
|
ولكنّ من يبصر جفونك يعشق (٢) |
وفي (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) [الأحزاب : ٤٠] إن التقدير : ولكن كان رسول الله ، لأن ما بعد لكن ليس معطوفا بها لدخول الواو عليها ، ولا بالواو لأنّه مثبت وما قبلها منفيّ ؛ ولا يعطف بالواو مفرد على مفرد إلا وهو شريكه في النّفي والإثبات ، فإذا قدّر ما بعد الواو جملة صحّ تخالفهما كما تقول «ما قام زيد وقام عمرو» ، وزعم سيبويه في قوله [من الطويل] :
٧٨٨ ـ ولست بحلّال التّلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٣) |
أن التقدير : ولكن أنا ، ووجّهوه بأنّ لكن تشبه الفعل فلا تدخل عليه ، وبيان كونها داخلة عليه أن «متى» منصوبة بفعل الشرط ، فالفعل مقدّم في الرتبة عليه ؛ وردّه الفارسي بأن المشبه بالفعل هو لكن المشدّدة لا المخفّفة ، ولهذا لم تعمل المخفّفة لعدم اختصاصها بالأسماء ، وقيل : إنما يحتاج إلى التقدير إذا دخلت عليها الواو لأنّها حينئذ تخلص لمعناها ، وتخرج عن العطف.
التنبيه الثاني ـ شرط الدّليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف ، فلا يجوز «زيد ضارب وعمرو» أي ضارب ، وتريد بضارب المحذوف معنى يخالف المذكور : بأن يقدر أحدهما بمعنى السّفر من قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) [النساء : ١٠١] ، والآخر بمعنى الإيلام بالمعروف ؛ ومن ثمّ أجمعوا على جواز «زيد قائم وعمرو ، وإن زيدا قائم وعمرو» ، وعلى منع «ليت زيدا قائم وعمرو» ، وكذا في لعلّ وكأنّ ، لأن الخبر المذكور
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٣٨٥ ، والإنصاف ص ١٨٠ وخزانة الأدب ٥ / ٤٢٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٩٢٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ٤٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٧٥.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للمتنبي في ديوانه ٢ / ٤٨ ، والأشباه والنظائر ٨ / ٤٦.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٢٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٦٦ ، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ٤٣٥.