والثاني : أن «غير» خبر مقدّم ، والأصل زمن ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه ، ثم قدّمت «غير» وما بعدها ، ثم حذف «زمن» دون صفته ، فعاد الضمير المجرور بـ «على» على غير مذكور فأتي بالاسم الظاهر مكانه ، قاله ابن جني ، وتبعه ابن الحاجب.
فإن قيل : فيه حذف الموصوف مع أن الصفة غير مفردة وهو في مثل هذا ممتنع.
قلنا : في النثر ، وهذا شعر فيجوز فيه ، كقوله [من الوافر] :
٤٦ ـ أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا |
|
[متى أضع العمامة تعرفوني] |
أي أنا ابن رجل جلا الأمور ، وقوله [من الرجز] :
______________________________________________________
(والثاني أن غير خبر مقدم ، والأصل زمن ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه ، ثم قدمت غير وما بعدها ثم حذف زمن دون صفته ، فعاد الضمير المجرور بعلى على غير مذكور فأتي بالاسم الظاهر مكانه ، قال ابن جني وتبعه ابن الحاجب) فإن قلت : يلزم على هذا الإعراب محذور وهو نيابة المجرور عن الفاعل مع كونه غير مختص ، فهو كقولك : مر برجل وهو ممتنع قلت : المجرور هنا قائم مقام ضمير يعود على زمن المتقدم المحذوف : أي : زمن ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه ، ولا شك أن مفاد هذا الضمير زمن مختص بصفته المذكورة وهي قوله ينقضي بالهم والحزن ، فكذا ما قام مقامه (فإن قيل : فيه حذف الموصوف مع أن الصفة غير مفردة وهو في مثل هذا) المحل (ممتنع) وذلك أن الموصوف هنا ليس بعض ما قبله من مجرور بمن أو في (قلنا) : هذا الذي ذكرته من الامتناع عند فقد الشرط المذكور إنما هو (في النثر وهذا) الذي وقع الكلام فيه وهو بيت أبي نواس (شعر فيجوز فيه كقوله :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني) (١) |
(أي : أنا ابن رجل جلا الأمور) أي : كشفها وأوضحها فالفعل متعد ، ويحتمل أن يكون المعنى جلا أمره أي : اتضح فالفعل لازم ، والطلاع الكثير الطلوع والثنايا جمع ثنية ، وهي العقبة أي : أنا رجل مقتحم الأمور العظيمة لست بمجهول ولا خامل ، وسيأتي كلام في هذا البيت (وقوله) :
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لسحيم بن وثيل في الاشتقاق ص ٢٢٤ ، والأصمعيات ص ١٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٥٥ ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣١٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٢٧. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٨ / ٢٤٣.