الثاني : وجوب دخولها ، عند البصريّين إلّا الأخفش ، على الماضي الواقع حالا إما ظاهرة ، نحو : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) [البقرة : ٢٤٦] ، أو مقدّرة ، نحو : (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) [يوسف : ٦٥] ، ونحو : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء : ٩٠] وخالفهم الكوفيّون والأخفش ؛ فقالوا : لا تحتاج لذلك ، لكثرة وقوعها حالا بدون «قد» والأصل عدم التقدير ، لا سيما فيما كثر استعماله.
الثالث : ذكره ابن عصفور ، وهو أن القسم إذا أجيب بماض متصرّف مثبت ، فإن كان قريبا من الحال جيء باللام و «قد» جميعا ، نحو : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) [يوسف : ٩١] ، وإن كان بعيدا جيء باللام وحدها كقوله [من الطويل] :
٧٥ ـ حلفت لها بالله حلفة فاجر |
|
لناموا ، فما إن من حديث ولا صالي (١) |
ا ه. والظّاهر في الآية والبيت عكس ما قال ، إذ المراد في الآية : فضّلك الله علينا بالصبر وسيرة المحسنين ، وذلك محكوم له به في الأزل ، وهو متّصف به مذ عقل ، والمراد في البيت أنهم ناموا قبل مجيئه.
ومقتضى كلام الزمخشري أنها في نحو : «والله لقد كان كذا» للتوقّع لا للتقريب ؛ فإنه قال في تفسير قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) [الأعراف : ٥٩] في سورةالأعراف : فإن قلت : فما بالهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلّا مع «قد» ، وقلّ عنهم نحو قوله :«حلفت لها بالله ـ البيت» ، قلت : لأن الجملة القسميّة لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها ، فكانت مظنّة لمعنى التوقّع الذي هو معنى «قد» عند استماع المخاطب كلمة القسم ، ا ه.
ومقتضى كلام ابن مالك أنها مع الماضي إنّما تفيد التقريب كما ذكره ابن عصفور ، وأن من شرط دخولها كون الفعل متوقّعا كما قدمنا ؛ فإنه قال في تسهيله : وتدخل على فعل ماض متوقّع لا يشبه الحرف لقربه من الحال ا ه.
الرابع : دخول لام الابتداء في نحو : «إنّ زيدا لقد قام» ، وذلك لأن الأصل دخولها على الاسم ، نحو : «إنّ زيدا لقائم» وإنما دخلت على المضارع لشبهه بالاسم ، نحو :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٣٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٧١ ـ ٧٣ ، والدرر ٢ / ١٠٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٤ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٧٧ ، ورصف المباني ص ١١٠.