وفي المحاضرات : إنّ عباديّة المقدّمة لا تتوقّف على وجوبها ، فإنّ منشأ العباديّة لها أحد أمرين ، إمّا الإتيان بها بقصد التوصّل إلى الواجب النفسي وامتثال الأمر المتعلّق به ، وامّا الإتيان بها بداعي الأمر النفسي المتعلّق بها كما في الطهارات الثلاث ، فالوجوب الغيري لا يكون منشأ لعباديّتها أصلاً.
فأجاب الأُستاذ : بأنه اشكال مبنائي ، ولا يعتبر في الثمرة أن تكون مترتّبةً على جميع المباني ، فعلى القول بأنّ العمل بداعي الأمر الغيري غير مقرّب بل العباديّة إنّما تحصل بأحد الأمرين المذكورين ، فلا ثمرة. أمّا على القول بأنّ الإتيان به مضافاً إلى المولى كافٍ للعباديّة والمقربيّة ، فإنّ الإتيان به بداعي الأمر الغيري يكون مقرّباً وتترتّب الثمرة.
(ومنها) إنه إنْ كانت المقدّمة واجبةً بالوجوب الشرعي ، كانت موضوعاً للبحث عن أخذ الأُجرة على الواجبات ، وإلاّ فلا مانع من ذلك.
قال في المحاضرات : وفيه أوّلاً : إنّ الوجوب ـ بما هو وجوب ـ لا يكون مانعاً من أخذ الأُجرة على الواجب ، إلاّ إذا قام دليل على لزوم الإتيان به مجّاناً كدفن الميّت ، وإذ لا دليل على لزوم الإتيان بالمقدّمة مجّاناً ، فلا مانع من أخذ الأُجرة عليها وإنْ قلنا بوجوبها. وثانياً : إنّه لا ملازمة بين وجوب شيء وعدم جواز أخذ الأُجرة عليه ، بل النسبة بينهما عموم من وجه ، فقد يكون العمل واجباً وأخذ الأُجرة عليه جائز كما لو كان واجباً توصلياً ، وقد يكون غير واجب ولا يجوز أخذ الأُجرة عليه كالأذان ، فإنْ كان واجباً عبادياً حرم أخذ الأُجرة عليه على القول بالحرمة ... إذن ، لا بدّ من التفصيل في هذه الثمرة.
قال الأُستاذ : إنّه يكفي ترتّب الثمرة على بعض الأقوال في المسألة ، فعلى القول بأنّ كل واجب فهو لله ، وما كان لله فلا تؤخذ الأُجرة عليه ـ لأن وجوب