وجود أحدهما وعدم الآخر في مرتبةٍ واحدة ، وإذا ثبت الاتحاد في المرتبة ، انتفى تقدّم أحدهما على الآخر ، والحال أنّ المقدّميّة لا تكون إلاّ مع الاختلاف في المرتبة.
وفيه : إنّه قد يكون بين الشيء والآخر كمال الملاءمة ولا اتّحاد في المرتبة ، كما بين العلّة والمعلول ، فإن بين وجودهما كمال الملاءمة وهما مختلفان في المرتبة.
والحاصل : إنّ مجرّد الملاءمة بين وجود الضد وعدم الضدّ الآخر لا يوجب اتّحاد المرتبة حتى تنتفي المقدميّة.
ثمّ قال :
فكما أنّ المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر ، كذلك في المتضادّين.
أقول :
يحتمل أن يكون تكميلاً للوجه المذكور : بأنّه كما أنّ عدم السواد ـ المنافي للسّواد ـ في مرتبةٍ واحدة معه ، كذلك السواد والبياض.
أو يكون كما هو ظاهر السيد الأُستاذ (١) برهاناً آخر على عدم التمانع ، بأنْ يكون جواباً نقضيّاً ، من حيث أنّ المعاندة بين الضدّين ليست بأكثر من المعاندة بين النقيضين ، فكما لا يعقل أن يكون الوجود مقدّمةً للعدم ـ مع كمال المنافرة بينهما ـ كذلك السواد والبياض. فلو كان مجرّد المنافرة موجباً لمقدميّة أحد الشيئين للآخر ، كان وجود الشيء مقدمةً لعدم الشيء الآخر. وعلى الجملة : إنّه لو كان ملاك المقدميّة كمال المنافرة ، فإنّ وجوده في المتناقضين أقوى منه في
__________________
(١) منتقى الأُصول ٢ / ٣٤١.