قال الأُستاذ :
لكنّ الإشكال في الكبرى. أمّا نقضاً : فلا شكّ أن الأمر لمّا يتعلّق بالطبيعة كالصّلاة مثلاً ، فإنّ الطبيعي لا يتحقّق خارجاً إلاّ ملازماً لخصوصيّاتٍ من الزمان والمكان وغيرهما ، لكن متعلّق الحكم ـ بضرورة الفقه ـ هو الطبيعي ، وليس لتلك الخصوصيّات حكم أصلاً ، إذ الواجب على المكلّف هو صلاة الظهر مثلاً ، لا خصوصيّة هذا الفرد منها الذي أتى به في الدار في أوّل الوقت مثلاً.
وأمّا حلاًّ ، فصحيحٌ أنّه ما من واقعةٍ إلاّ وفيها حكم شرعي ، لكن هذه الكبرى ليست بلا ملاك ، وملاكها لا يخلو : إمّا هو تبعيّة الأحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد غير المزاحمة ، على مسلك العدليّة ، من جهة أنّه إذا رأى العقل المصلحة التامّة يستكشف الحكم الشرعي في الواقعة بقانون الملازمة. وامّا هو ضرورة جعل الشارع الدّاعي لتحقّق غرضه ، والداعي هو الحكم. وامّا هو لزوم خروج المكلّف من الحيرة في كلّ واقعة.
لكنْ لا شيء من هذه الأُمور في المتلازمين.
أمّا الأوّل : فلأنّه لا دليل على أنّه لو كان للملازم ملاك فلا بدّ وأن يكون لملازمه ملاك كذلك ، فلو كان القعود واجباً ، فما هو المصلحة لجعل الوجوب لترك القيام؟
وأمّا الثاني : فلأنّ جعل الحكم للملازم كافٍ للداعويّة إلى تحقّق غرض المولى ، ولا حاجة لجعل الملازم الآخر من هذه الجهة.
وأمّا الثالث : فلأنّه لا حيرة للمكلّف في مورد المتلازمين في فرض جعل الحكم لأحدهما ، فإنّه مع جعل الوجوب للقعود ، لا يبقى المكلّف متحيّراً في حكم القيام حتّى يُحتاج إلى جعل حكم الوجوب لتركه.