مادةٍ وهو الواجب الذي تعلّق به الحكم ، وعلى هيئةٍ وهو الحكم أي الوجوب ... وكلٌّ منهما صالحٌ للتقييد بالقدرة أو غيرها من القيود ، وللإطلاق برفض القيود كلّها ، فإن أخذ المولى في خطابه القدرة على الواجب ، كأن يقول : إنْ قدرت فصلّ ، فقد اعتبرت القدرة الشرعيّة إلى جنب القدرة العقليّة ـ المعتبرة بحكم العقل على مسلك المحقّق الثاني ، أو باقتضاء الخطاب على مسلك الميرزا ـ وكشفت عن دخلها في الغرض من الصّلاة ، وإنْ لم يأخذها كشف ـ عدم أخذها ـ عن عدم دخلها في الغرض.
وكذلك الحال بالنسبة إلى الوجوب ....
لكنّ المفروض أنّه مع التزاحم بالأهمّ ، لا وجوب بالنسبة إلى المهمّ وهو الصّلاة ، فلا اطلاق للهيئة ، لكون وجوب الصّلاة مقيّداً بالقدرة ، وحينئذٍ ، يأتي البحث عن أنّه إذا سقط إطلاق الهيئة يسقط بتبعه إطلاق المادّة أو لا؟
فذهب الميرزا إلى بقاء المادّة على إطلاقها ، وأنّه كاشف عن أنّ الغرض قائم بالجامع بين المقدور وغير المقدور ، فيكون الفرد المزاحم ـ وإن كان غير مقدور ـ واجداً للملاك بمقتضى الإطلاق ، ويمكن الإتيان به بقصده.
هكذا قرّب الأُستاذ هذا الوجه.
وفي (المحاضرات) : إنّ الفرد المزاحم تام الملاك حتى على القول بكونه منهيّاً عنه ، لأنّ النهي المانع عن التقرّب بالعبادة ، هو الذي ينشأ من مفسدةٍ في متعلّقه وهو النهي النفسي ، وأمّا النهي الغيري ، فبما أنّه لا ينشأ من مفسدةٍ في متعلّقه ، لا يكشف عن عدم وجود الملاك في المتعلّق. فبضم هذا إلى كبرى كفاية قصد الملاك ، تتمّ صحة عباديّة الفرد المزاحم (١).
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٣٧١.