التعارض : أنه قد يكون بالذات وقد يكون بالعرض ، كأن يقوم دليلٌ على وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة ويقوم آخر على وجوب صلاة الجمعة ، فتجب صلاتان ، ولكن قد قام الإجماع على عدم وجوب الصّلاتين في ظهر يوم الجمعة ، فيقع التعارض بين الدليلين بالعرض ، ويحصل اليقين ببطلان أحدهما ، ومسألة الجهر والإخفات من هذا القبيل ، فهي من باب التعارض.
ثم ذكر في (المحاضرات) ما حاصله :
إنه كما يتعقّل الترتب في مقام الامتثال ، كذلك يتعقّل في مقام الجعل ، ويرتفع المشكل في مقام الإثبات بالتقييد ، وأمّا في مقام الثبوت فالنصوص الواردة في المسألة هي الدليل على جعل الحكم بنحو الترتّب ، كصحيحة زرارة في من جهر فيما لا ينبغي الإخفات فيه أو أخفت فيما ينبغي الجهر فيه (١).
فأشكل الأُستاذ :
بأن الترتّب في مقام الجعل في الضدّين اللذين لهما ثالث معقول ، كأن يقول المولى : تجب عليك الإزالة فإن عصيت وجبت عليك الصّلاة ، إلاّ أن مورد البحث من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، فلا يعقل التقييد ـ مع توقف الترتّب على التقييد ـ كأن يقيّد وجوب الحركة بترك السكون. هذا ثبوتاً.
وأمّا إثباتاً ، فإن نصوص المسألة لا تفي بدعوى كون الجعل بنحو الترتّب ، لأنّ معنى الترتّب في مرحلة الجعل هو أن يجعل الشارع ـ بنحو القضيّة الحقيقيّة ـ وجوب الإخفات لمن وجب عليه الجهر فعصى ، والنصوص وإن احتمل دلالتها على هذا المعنى ، يحتمل دلالتها على جعل البدل في مقام الامتثال كما هو الحال في قاعدتي الفراغ والتجاوز ، ومن الواضح الفرق بين جعل الحكم على نحو
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٤٨٢.