ملاك ، لتبعيّة الأحكام الشرعيّة للملاكات عند العدليّة ، فلولا الملاك فلا أمر. أمّا المنكرون للترتّب فلهم تصحيحها بالإتيان بها بقصد الملاك ، كما عليه صاحب الكفاية قدسسره.
وإذا عرفت هذه المقدّمات ، ظهر الدليل على القول ببطلان الوضوء بكلّ وضوح ، وذلك :
لأنّ وجوب صرف الماء في رفع العطش عقلي ، وشرط وجوبه هو القدرة التكوينيّة ، بخلاف وجوب الوضوء ، فالقدرة المأخوذة على الماء فيه شرعيّة ، وإذا صرف في رفع العطش انتفت القدرة المعتبرة في الوضوء وتبدّل الحكم إلى التيمّم ، لأنه بمجرّد صرفه في رفع العطش يكون الوضوء بلا ملاك لانتفاء شرطه وهو القدرة الشرعيّة ، وإذا انتفى الملاك انتفى الأمر ، وبذلك ينتفي الترتّب.
فظهر أنّ وجه فتوى الميرزا القائل بالترتب ، هو عدم الأمر الترتّبي ، لعدم الملاك ، والشيخ يقول بالبطلان ، مع إنكار الترتب ، لعدم الملاك حتى يصحّح بقصده.
ولا يبقى وجه للقول بصحة هذا الوضوء ، لأنّ طريق تصحيحه إمّا الترتب وامّا قصد الملاك ، وقد علم أن لا ملاك فيقصد أو يثبت الأمر الترتبي تبعاً له ، وقد نسب الميرزا هذا القول إلى السيّد في (العروة) ، وكلامه فيها ـ في السبب السادس من أسباب التيمّم ـ واضحٌ في البطلان لا الصحّة ، إذ قال : لو دار الأمر بين الوضوء وبين واجب أهمّ ، يقدّم صرف الماء في الأهم ، لأنه لا بدل له والوضوء له بدل (١). وفي حاشيته على نجاة العباد وافق الماتن في القول بالبطلان.
هذا ، وذهب السيّدان الحكيم والخوئي إلى الصحّة من باب الترتّب ، في
__________________
(١) العروة الوثقى ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ط جامعة المدرسين.