أمّا الأُولى ، فلما سبق من أن الترتّب لا يتوقّف على إحراز الملاك في الواجب المهم ، فإن إحرازه غير ممكنٍ مع سقوط الأمر حتى فيما إذا كانت القدرة عقليّة فضلاً عن كونها شرعيّة ، فلو كان الترتّب متوقفاً على إحراز الملاك في المهم لم يمكن الالتزام به على كلا التقديرين.
وأمّا الثانية ، فقد عرفت عدم التنافي بين الأمرين ، إذا كان الأمر بالمهم مشروطاً بعصيان الأمر بالأهم (١).
جواب الأُستاذ
وقد أجاب الأُستاذ عن ذلك : بأنه كلام غير مناسب لشأنه ، لأنّ الميرزا إنما يستكشف الملاك عن طريق إطلاق المادّة لا عن طريق الأمر كما عليه المستشكل ، فالميرزا يقول : بأنه إذا تعلّق الأمر بشيء ولم تؤخذ القدرة فيه في لسان الدليل الشّرعي ، فإنّ نفس إطلاق الواجب يكشف عن قيام الملاك بذات المادّة ... فالإشكال أجنبي عن مسلك الميرزا. هذا أوّلاً.
وثانياً : لو سلّمنا أنّ الترتّب لا يتوقّف على إحراز الملاك في الواجب المهم ـ كما قال ـ فإنّ الواقع في المسألة هو إحراز عدم الملاك ، فما ذكره خلط بين عدم إحراز الملاك وإحراز عدم الملاك ، وذلك لأن القدرة المأخوذة في الواجب قيد للواجب ، وكلّ ما يكون قيداً له فهو قيد للملاك ، لاستحالة تقيّد الواجب من دون تقيّد الملاك ، وعليه ، فإنه يستحيل أن تقيّد الصّلاة بالطهارة مع عدم تقيّد المصلحة المترتبة عليها والغرض منها بالطهارة ، والمفروض اعتبار القدرة الشرعيّة على الطهارة ، فإذا انتفت هذه القدرة عليها حصل القطع بعدم الملاك ، والقطع بعدمه في المهم يبطل الترتب ... وقد اعترف المستشكل في مباحث الضدّ بأنه متى
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥.