فيقول : إن متعلّق الطلب في الأمر هو العنوان ، لكن العنوان المرئيّ خارجاً ، وكذلك الصفات النفسانيّة كالحبّ والشوق والإرادة ، فإنها تتعلّق بالعناوين الفانية في المعنونات. فمراد القائلين بتعلّق الأمر بالفرد هو أن المتعلّق نفس المعنون الموجود في الخارج ، ومراد القائلين بتعلّقه بالطبيعة أن المتعلّق هو العنوان ـ لا المقيّد بالوجود الذهني ، لأنه لا يقبل الوجود في الخارج ، ولا بما هو هو ، لأنه ليس بحاملٍ للغرض كي يتعلّق به الغرض والأمر ، ولا الموجود في الخارج ، لأنه فرد وهو منشأ لانتزاع عنوان الطبيعة ، ـ أي العنوان المتّحد مع الخارج ، كالإنسان المتحد مع زيد ... فظهر الاختلاف بين القولين ... فالقول الأول : هو تعلّق الأوامر بالأفراد الموجودة خارجاً ، كزيد المعنون بعنوان الإنسان. والقول الثاني : هو تعلّقها بالعناوين كعنوان الإنسان الملحوظ فانياً في زيد.
قال : نظير الحال في الجهل المركب ، حيث توجد الإرادة عند الجاهل كذلك ، لكنّ متعلّق الإرادة عنده هو العنوان والصورة الفانية في الخارج في ذهنه ، لا الخارج ، لأن الخارج ظرف سقوط الأمر ، فلا يكون متعلّقاً للطلب والإرادة التي هي صفة نفسانية.
ثم أورد على الكفاية قوله : بأن متعلّق الطلب هو إيجاد الطبيعة فقال : إن متعلّق الطلب متقدّم على الطلب تقدّماً طبعيّاً ، فلا يعقل وجود الطلب بلا متعلّق ، وإن أمكن وجود المتعلّق بلا طلب ، كأن يتعلّق الطلب بالأكل ، فإنه بدون الأكل محال ، لكن قد يوجب الأكل بلا طلب ، فلا ريب في تقدّم متعلّق الطلب على الطلب تقدّم الواحد على الاثنين ، إذ لا يعقل وجود الاثنين بدون الواحد ، لكن يمكن وجوده بدون الاثنين ... هذا أوّلاً.
وثانياً : إن إيجاد الطبيعة معلولٌ للطلب فيكون متأخّراً عنه رتبةً ، فلو كان هو