خلاف الوجدان ، لأنا لا نجد في أنفسنا في مختلف مراداتنا تعلّق الطلب والإرادة بالصّورة الفانية في الخارج ، وكيف يكون للإنسان طلب وإرادة ولا يجد في نفسه ولا يلتفت إلى متعلّق طلبه؟ هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ المفروض في كلامه قدسسره هو : أجنبيّة الصّورة الفانية في الخارج عن الخارج الواقعي ، وأنّ ذلك ليس إلاّ في النظر التصوّري أمّا بالنظر التصديقي فهو باطل. فيرد عليه : أنه كيف يعقل تعلّق الإرادة بعنوانٍ وصورةٍ يراها بالنظر التصديقي غير موجودة في الخارج؟
وأمّا إيراده على نظريّة تعلّق الأمر بإيجاد الطبيعة ، فيمكن دفعه بأن : الإيجاد ذهني تارةً وأُخرى هو ذهني فانٍ في الخارج ، فكما عندنا وجود خارجي ووجود ذهني هو مرآة للوجود الخارجي ، كذلك الإيجاد ، لأن الوجود والإيجاد واحد حقيقةً ، فلقائل أن يقول بأن متعلّق الطلب هو الايجاد المفهومي الفاني في الخارج ... وبذلك يندفع الإشكال وإن كانت عبارة الكفاية قابلةً له.
وأمّا إيراده الثاني من لزوم تصوّر الوجود مرّتين في مثل : أوجد الصّلاة ، لكون الهيئة مشتملةً على الوجود على مسلك الكفاية ، ولكون مادّة الوجود في حيّز الطلب ... فقد يجاب عنه : بأنّ الوجه في إشراب الوجود في الهيئة هو أن العقل يرى عدم قابليّة الطبيعة من حيث هي لتعلّق الطلب بها ، فلا مناص من أخذ الوجود لتصير قابلةً لذلك ، سواء كانت المادّة هي الوجود أو غيره من المواد ، فإن كانت المادّة هي الوجود فلا ضرورة عقليّة لإشرابه في المادّة ، فلا يتكرّر تصوّر الوجود.