وتوضيحه :
إن الإرادة التكوينية والتشريعية تشتركان في أن كلتيهما إرادة ، لكنهما تفترقان من جهة التكوينيّة والتشريعيّة ، ولكلٍّ منهما أحكام وأقسام. مثلاً : الإرادة من المولى لا فاعليّة لها ، بل الفاعليّة هي لإرادة المكلّف ، والإرادة التشريعيّة تنقسم إلى التعبّدي والتوصّلي ، وهذا غير معقول في التكوينيّة.
ومن ذلك : إن الإرادة التكوينيّة لا يعقل أن تتعلّق بالكلّي ، بل متعلّقها دائماً هو الجزئي الحقيقي ، لأن الإرادة التكوينيّة علّة للوجود ، والعلّة يستحيل تعلّقها إلاّ بالوجود وهو عين التشخّص ، بخلاف الإرادة التشريعيّة ، فإنّها تتعلّق بالكليّات حتى لو قيّد المتعلّق بقيودٍ كثيرة ، كأن يقال : صلّ في المسجد يوم الجمعة ظهراً جماعةً في أوّل الوقت ... والسرّ في ذلك : أنه ما لم يوجد في الخارج أو الذهن فلا تتحقّق له الجزئيّة ....
إذن ... الإرادة التي لا تتعلّق بالمبهم المردّد هي التكوينيّة ، وأمّا التشريعيّة فإنّها تتعلّق به ، إذ التكوينيّة هي العلّة التامّة للوجود ، والمردّد غير قابلٍ للوجود أي لا وجود له ، أمّا التشريعيّة فليست بعلةٍ للوجود ، وإنما أثرها هو إحداث الداعي الإمكاني في نفس العبد ، فقد يمتثل وقد لا يمتثل ، ومن هنا تكون التشريعيّة تابعة للغرض والملاك ، فإن كان الغرض يحصل بأحد الأفراد جاءت الإرادة متعلّقة به كذلك ، وكان الخطاب على طبق الإرادة ، إذ يأمر بالعتق أو الإطعام أو الصوم ليدلّ على أنّ المكلّف به ليس معيّناً ، وليس هو الجامع ، بل المطلوب خصوصيّة كلّ واحدٍ من الأفراد لكن على البدل ، وكذلك الحال في الوصيّة ، إذ يوصي بأحد الشخصين أن يعطى كذا ، أو ينوب عنه في الحج مثلاً ، أو يُعتق في سبيل الله.
إذن ، فما ذهب إليه الميرزا متوافق مع ظهور الأدلّة في الواجب التخييري في