فجاء حاطب بالكتاب حتى دخل مصر فلم يجد المقوقس هناك ، فذهب إلى الإسكندرية ، فأخبر أنه في مجلس مشرف على البحر ، فركب حاطب سفينة ، وحاذى مجلسه ، وأشار بالكتاب إليه ، فلما رآه المقوقس أمر بإحضاره بين يديه ، فلما جيء به نظر إلى الكتاب ، وفضه ، وقرأه.
وقال لحاطب : ما منعه إن كان نبيا أن يدعو على من خالفه ، وأخرجه من بلده إلى غيرها أن يسلّط عليهم ، فاستعار (فاستعاد) منه الكلام ثم سكت.
فقال له حاطب : ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟ فما له حيث أخذه قومه ، فأرادوا أن يقتلوه أن لا يكون دعا عليهم أن يهلكهم الله تعالى ، حتى رفعه الله إليه؟
قال : أحسنت ، أنت حكيم من عند حكيم.
الرسول صلىاللهعليهوآله عند المقوقس :
ثم قال له حاطب : إنه كان قبلك من يزعم أنه الرب الأعلى (يعني فرعون) ، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ، فانتقم به ، ثم انتقم منه ، فاعتبر بغيرك ، ولا يعتبر غيرك بك.
إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش ، وأعداهم له يهود ، وأقربهم منه النصارى ، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى عليهما الصلاة والسلام إلا كبشارة عيسى بمحمد «صلىاللهعليهوآله» ، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل ، وكل نبي أدرك قوما فهم أمته ، فالحق عليهم أن يطيعوه ، فأنت ممن أدرك هذا النبي ، ولسنا ننهاك عن