وإلا ، فلماذا اختاروا سعد بن عبادة دون سواه لهذا الأمر؟!
إرسال عمر مرتين :
وقد لوحظ أيضا : أن بعض النصوص تقول : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» أرسل عمر إلى اليهود مرتين ، مرة قبل إرسال أبي بكر ، ومرة بعده ..
وربما يمكن تفسير ذلك أيضا : بأن عمر كان يدّعي لنفسه الشدة والصلابة ، ويظهر ذلك للناس ، حتى إنه يأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بقتل هذا ، وبقلع ثنايا ذاك ، ويصر على قتل الأسرى في بدر .. وعلى القتال في الحديبية .. و .. و ..
فكأنه «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يظهر : أن هذا كله لم يكن لأجل شجاعة فيه ، بل هو لأمور أخرى ..
والشاهد على ذلك : هذا الذي جرى في خيبر ، فإن أمكن لعمر أن يتعلل بشيء في هزيمته في اليوم الأول ، فبأي شيء يعتذر أو يتعلل في اليوم الثاني؟!
ثم إن إرسال أبي بكر ، وغيره ، قد جاء ليؤكد على : أن هذا السنخ من الناس ليس هو الذي يفتح الله تعالى على يده الحصون ، ويقرّ بقلع أبوابها العيون ..
بل الذي يقوم بهذه المهمات الجسيمة ، والإنجازات الهائلة والعظيمة هو نوع آخر من الناس ، مطمئنة نفسه ، وراضية بلقاء الله تعالى .. كرار .. غير فرار .. لا يتمنى الإمارة لنفسه ، حتى في ذلك اليوم ، بل هو يرى أنه لا أحد أن يستطيع أن يمنع ما يعطيه ، فيقول : «اللهم لا مانع لما أعطيت».