الحرص على الملك :
وليس في قولنا هنا أية غضاضة : إن المقوقس أيضا كان مثل هرقل ، لا يرغب بانتشار الإيمان بنبوة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بين الأقوام الذين يحكمهم ، حرصا منه على ملكه ـ بزعمه ـ وعلى نفوذ كلمته في تلك الأقوام ، وعدم الرغبة في إفساح المجال لمشاركة أحد له في ذلك .. وما ذلك إلا لأنه يعلم أن الطاعة للدين ولأهله أقوى وأعمق من الطاعة لأهل الدنيا .. فإن الطاعة لأهل الدين تأتي طوعية ، وباندفاع ذاتي ، وبتحريك وجداني ، ورضا قلبي ، وأنس وسرور واغتباط روحي ..
أما طاعة الناس لملوكهم ، فإنما تكون طمعا في الدنيا ، ورهبة من سطوتهم بهم. وشتان ما بين هذه الطاعة وتلك.
ولهذا حرص المقوقس على إبعاد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ودعوته عن قومه برفق ، وأناة ، ولم يجازف بإعلان الخصومة والعناد ، لكي لا يكون هذا الاحتكاك من موجبات إثارة فضول الناس لمعرفة أقوال هذا النبي الكريم ، وتتبّع سيرته وأفعاله ، واستلهام مواقفه .. وذلك لأنه يعلم بأن ذلك سينتهي إلى قبولهم ـ ولو بصورة تدريجية ـ لهذا الدين ، شاء أم أبى ، ولسوف تهتز الأرض تحت قدمي كل معاند وجاحد ، مهما طغى وبغى ، وتكون النتيجة ـ من ثم ـ هي نفس النتيجة التي واجهها أهل مكة مع هذا النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» ..
شبهات المقوقس ، لماذا؟! :
وقد ذكرت النصوص المتقدمة : أن أول سؤال طرحه المقوقس على