يتمنع المحارب في حصنه ..
فخلقه من روحه ونفخه :
وبعد التلويح جاء التصريح : بأن عيسى «عليهالسلام» مخلوق محدث ، وأن الله سبحانه قد خلقه من روح اختاره واصطفاه ، ونسبه إلى نفسه كما ينسب الشيء إلى مالكه وصاحبه ، فيقال : بيته ، وقميصه ، ونحو ذلك ..
ثم بين كيفية هذا الخلق وأنه بنفخ الروح فيه بعد تكونه في بطن أمه مريم جنينا كاملا ..
كما خلق آدم عليهالسلام بيده ونفخه :
ثم بالغ في تحديد كيفية الخلق وأسبابه وشؤونه حين قرر : أن خلقه مثل خلق آدم «عليهالسلام» ، فإن الله تعالى خلقه بيده ، أي بقدرته التي يعبر عنها باليد ، كما قال تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (١). أي أن قدرة الله وبطشه فوق قدرتهم وبطشهم ، ولكن بما أن البطش ، وإعمال القدرة إنما يكون بواسطة اليد ؛ فإنه تعالى أورد هذه الكلمة أيضا إمعانا في تجسيد المعنى إلى حد أصبح شيئا يناله الإنسان بحواسه الظاهرة. فقد تجلت القدرة وتجسدت آثارها حتى أصبحت وكأنها يد ظاهرة للعيان ..
ثم أشار إلى كيفية حلول الروح في جسد آدم وعيسى «عليهماالسلام» ، وقال : إن ذلك قد جاء بطريقة النفخ ، الذي هو عبارة عن الإيجاد والتكوين المباشر في داخل الجسد نفسه ..
__________________
(١) الآية ١٠ من سورة الفتح.