وجلّ (١).
ونقول :
إن لنا مع ما تقدم عدة وقفات ، هي التالية :
من دخل النخل فهو آمن :
لقد تضمن هذا النص : أمرا هاما ، من حيث دلالته الصريحة على : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يقاتل اليهود ، لأنه اتخذ قرارا مسبقا بقتلهم وبإبادتهم ، أو بقهرهم ، والاستيلاء على بلادهم ، وقد جاء الآن لتنفيذ هذا القرار.
كما أنه قد تضمن إعطاء الأمان للناس من دون أي شروط ، والاكتفاء بمجرد إظهار الرغبة في الدخول في الأمان ..
وهذا يعطي : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يريد أن يستفيد من قوته العسكرية الضاربة لفرض شروطه على محاربيه ، بل كانت شروطه هي تلك الشروط ، التي يسعى إليها كل إنسان بحسب سجيته وفطرته العامة ، وهي كل ما يقتضيه العدل والإنصاف للناس.
وهذا يدل : على أن الهدف هو مجرد التخلص من الفتنة ، ودرء الأخطار ، وإعادة تصحيح الأوضاع لصالح السلم ، وإشاعة الأمن ، وضمان الحرية في نطاق الانضباط والالتزام بالحدود ، والوفاء بالعهود ، والمواثيق.
ثم إن هذه الشروط قد أعطت الإيحاء للعدو : بأن ثمة يقينا بالنصر ، وبأن عليهم أن يراجعوا حساباتهم ، فلا تغرهم عدتهم ، ولا عديدهم ..
__________________
(١) أسد الغابة ج ٣ ص ٣٤.