حاطب ابن أبي بلتعة قد تضمن شبهة ربما لا يلتفت أكثر الناس العاديين إلى حلّها ، وهي ليس فقط تكفي لإثارة الشك في نبوة صاحب هذه الدعوة التي تعرض عليهم لأول مرة ، وإنما هي تكفي لترجيح جانب النفي ، وصرف النظر عن أي تفكير فيها ..
وقد جاءت إجابة حاطب ابن أبي بلتعة على هذه الشبهة قوية وقاطعة ، ومعبرة عن مستواه الثقافي ، الذي فاجأ المقوقس ، الذي كان يعلم : أن حاطبا مجرد حامل كتاب ، وليس معروفا بالفضل والعلم بين أصحاب محمد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وإنما هو من الناس العاديين في ذلك المجتمع الناشئ ، الذي أسسه «صلىاللهعليهوآله» ..
وهذه الإجابات من شأنها أن تعطي الانطباع الذي لم يكن المقوقس يرغب في أن يراه في قومه تجاه هذا الشخص ومن أرسله في هذا الوقت الحساس بالذات ..
ونحن لا نشك في أنه قد ندم على هذه الإثارة التي أراد لها أن تكون اختبارا لحاطب ، وتحصينا لرعيته عن التفكير في الدعوة المعروضة عليهم ، والتي يحمل لهم حاطب كتاب صاحبها ..
دور الدعاء في دعوة الأنبياء عليهمالسلام :
والذي نريد لفت النظر إليه هنا هو : أن المقوقس حين سجل اعتراضه الآنف الذكر لم يكن يجهل بل كان يتجاهل : حقيقة دور الدعاء في حياة الأنبياء. أي أنه كان يعلم أن الدعاء لا توكل إليه مهما كهذه في حياتهم «عليهمالسلام».