بل دور الدعاء هو : توثيق الصلة بالله سبحانه ، وإنشاء العلاقة الوجدانية والروحية به تعالى ..
وقد يستجيب الله تعالى دعاء الداعين ، ولكن بشروط أهمها أن لا تترك هذه الاستجابة أي أثر سلبي على الداعي نفسه من جهة ..
وأن لا تكون سببا في الإخلال بحقوق الآخرين من جهة أخرى ..
ومنها حق الاختيار لهم ، وحق الممارسة والتصرف فيما يختارونه ؛ لأن الاستجابة للدعاء إذا كانت تؤثر على اختيار الناس ، وتسلبهم القدرة عليه ، فإنها تدخل في دائرة العدوان عليهم ، والظلم لهم. ونقض السنة الإلهية القائمة ، والتي تقضي بحفظ ذلك لهم ، ليصح اعتبارها مناطا للعقوبة والمثوبة ، وللسعادة والشقاء.
فإذا كانت المخالفة تستتبع الدعاء من النبي «صلىاللهعليهوآله» بأن يسلطه الله عزوجل على من يخالفه ، بحيث يفقد ذلك المخالف قدرته بهذا القهر ، ويتلاشى اختياره بهذا التسليط ، فذلك يعني أن يصبح إيمان هذا الشخص مولودا قسريا ، نشأ وترعرع تحت وطأة الخوف ، واستيلاء الرعب ، وهذا هو الإكراه في الدين ، الذي نفاه القرآن ، حيث ينتفي معه دور العقل والفكر ، والتأمل والتدبر المأمور به ، والذي يطلب أن يرتكز الإيمان إليه ، ويعتمد عليه ..
وإنما يطلب الأنبياء «عليهمالسلام» من ربهم إهلاك قوم بأعيانهم ؛ حين يبادر أولئك الأقوام باختيارهم إلى فعل ما استحقوا به نزول العذاب عليهم ، ومعاجلتهم بالعقوبة التي هي نتيجة أعمالهم.