شهادة رسول الله صلىاللهعليهوآله لعيسى أولا :
والذي يستوقف الباحث هنا : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نفسه وقبل أن يطلب من غيره شيئا قد بادر إلى الشهادة لعيسى «عليهالسلام» ، بما يعتقده فيه ، وفي أمه على نبينا وآله وعلى عيسى وأمه الصلاة والسلام ، فقال :
أشهد أن عيسى بن مريم روح الله.
وقد اقتصرت شهادته على النقطة المحورية للخلاف في أمر عيسى «عليهالسلام» ، وهي نقطة الارتكاز للديانة المسيحية كلها ، حتى إذا تعرضت هذه النقطة لأي اهتزاز ، فإن ذلك سوف يزعزع بناء تلك الديانة كله ، ويسقط الهيكل على رؤوس أصحابه .. ألا وهي قضية خلق عيسى ، فقرر أنه «عليهالسلام» مخلوق لله تعالى ، حين وصفه بأنه روح الله وكلمته ..
أي أنه روح خلقه الله بحكمته ، واختاره واصطفاه ، وأضافه إلى نفسه ، من بين سائر الأرواح.
وهو كلمة الله أيضا ؛ لأنه ولد من غير أب ، بل بواسطة كلمته ، وهي قوله تعالى : (كُنْ ..) فكان.
فإن كان عيسى «عليهالسلام» روحا مخلوقا لله عزوجل ، بواسطة أمره التكويني. و (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١). فهو مخلوق محدث ، لا يحمل أي عنصر إلهي ، وهذا بالذات هو ما تقضي به العقول ، وتهدي إليه الفطرة السليمة والصافية ..
__________________
(١) الآية ٨٢ من سورة يس.