وصاحبه قد أصبحا في موضع التهمة ، وأن عليه أن يستعيد شيئا من ماء الوجه ، مع علمه بمقصود النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فعرض نفسه لذلك ، وطلب الراية لنفسه ، مع يقينه بأنه لن يختاره ، هو ولا غيره من الفارين ، فإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، ولا يصح ، ولا يفيد تجريب المجرب ، إلا من السفيه ، وغير المتوازن. وحاشا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يكون كذلك.
٤ ـ إن المفروض : أن يكون نفس كلام النبي «صلىاللهعليهوآله» مانعا لعمر ، ولغيره ممن هم مثله من التصدي للراية ، ولا يجوز لهم بمقتضاه أن يطلبوها من جديد ، إذ إن الكرار غير الفرار ، هو ذلك الذي كان من عادته الكر ، دون الفر ، وقد ظهر عمليا أنه ليس كذلك ، فما معنى صدور هذا التمني منه ، وما معنى أن يتطاول لها؟. وما معنى رجاءه أن يدعى لها؟ ثم أن يبادر إلى طلبها؟!
٥ ـ إن عمر يقول : إنه لم يتمن الإمارة إلا يومئذ ، مع أنه هو نفسه يقر ويقسم على أنه قد تمنى هذا الأمر مرة أخرى ، وذلك عند ما جاء وفد ثقيف إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فقال لهم النبي «صلىاللهعليهوآله» : لتسلمن ، أو لأبعثن إليكم رجلا مني ، وفي رواية : مثل نفسي ، فليضربن أعناقكم ، وليسبين ذراريكم ، وليأخذن أموالكم (١).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥ وراجع : الطرائف لابن طاووس ص ٦٥ والبحار ج ٣٨ ص ٣٢٥ وج ٤٠ ص ٨٠ والمناقب للخوارزمي ص ١٣٦ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٤٨١ والعدد القوية للحلي ص ٢٥٠ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج ١ ص ٦٠ وفي الهامش روى الحديث في أواسط ترجمة أمير المؤمنين