عليه وآله» ، إذ معنى إرساله إليه أنه قد جاء تلبية لدعوته ، وأن دعوته له هي السبب في مجيئه ، فما معنى أن يسأله عن سبب مجيئه ويقول له : ما جاء بك؟
ويمكن أن يجاب : بأنه لا مانع من أن يدعوه ، ولكنه حين يأتيه ، لا يكون إتيانه طاعة واستجابة له ، بل لداع آخر ، فأراد «صلىاللهعليهوآله» منه أن يصرح بما دعاه إلى ذلك ، ولعله توطئة واستدراج له ليظهر ما يستحق به الأكرام والثناء ..
ولكن هذا الجواب ، وإن كان صحيحا في نفسه ، ولكن ليس محله هنا ، بل الصحيح هو : أن الصالحي الشامي اختار النص المحرّف الذي أورده البيهقي (١) وفضله على نص آخر ، ظاهر البطلان أيضا ، وهو مروي أيضا عن جرير بن عبد الله البجلي.
قال : «لما بعث النبي «صلىاللهعليهوآله» أتيته فقال : ما جاء بك؟! الخ ..» (٢). إذ يرد على هذه الرواية :
أولا : قال العسقلاني : «حصين فيه ضعف» (٣). يضاف إلى ذلك : أن هذا الخبر مروي عن جرير نفسه ، الذي يجر النار إلى قرصه ..
ثانيا : هناك فاصل كبير بين البعثة وبين وفادة الوفود ، يصل إلى عشرين
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣١٢.
(٢) الإصابة ج ١ ص ٢٣٢ و ٥٨٢ ، وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣١١ وج ٩ ص ٣٨٨ ، وأعيان الشيعة ج ٤ ص ٧٢ ، ومسند الشهاب لابن سلامة ج ١ ص ٤٤٥ ، وكشف الخفاء للعجلوني ج ١ ص ٧٥ ، وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٦٤.
(٣) الإصابة ج ١ ص ٢٣٢ وفي (ط دار الكتب العلمية) ج ١ ص ٥٨٢ ، وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣١٢ ، وأعيان الشيعة ج ٤ ص ٧٢.