٢ ـ لماذا لا يكون مصب اهتمام خالد على أخذهم أسرى ، ليرى النبي «صلىاللهعليهوآله» فيهم رأيه ، فلعله يرجح استرقاقهم لينتفع بهم المسلمون ، أو يمهلهم ليسمعوا كلام الله ، أو يوفر لهم الفرصة ليعيشوا الإسلام في مفاهيمه وقيمه ، وفي عقائده وشرائعه ، ويقارنوا بينه وبين الشرك الذي هم عليه ، ليروا البون الشاسع فيما بينهما ، ويكون اختيارهم له مستندا إلى الحس والمشاهدة القريبة ..
٣ ـ على أن من المعلوم : أن المهمة التي كلفه بها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ليست هي قتل كل من لم يسلم بل كلفه بالدعوة إلى الله تعالى ، وكفّ شر من يريد بالإسلام وبالمسلمين شرا ، حين يعلن الحرب على الإسلام وأهله.
٤ ـ أما قول النبي «صلىاللهعليهوآله» : أنا بريء من كل مسلم أقام مع المشركين ، لا تراءى ناراهما ، فهو ليس تبرئة لخالد بقدر ما هو إدانة له ، فإن نفس اعتصام أولئك القوم بالسجود إظهار للإسلام ، وإعلان له ، ودلالة واضحة على أنهم أهله ، لأن المقصود بترائي ناري المسلمين والمشركين هو : إظهار ما يمكن به التمييز بين الفريقين. والإعتصام بالسجود هو من هذه العلائم التي تحقق هذا التمييز.
وحتى لو كان هناك شك في ذلك ، فإن التبيّن والتأكد من الحقيقة ليس بالأمر الصعب ، ولا هو بالأمر الرديء والمستهجن والمعيب ..