وقال أبو نعيم : كان إسلام الجن ووفادتهم على النبي «صلىاللهعليهوآله» كوفادة الإنس فوجا بعد فوج ، وقبيلة بعد قبيلة ، بمكة ، وبعد الهجرة.
عن ابن مسعود قال : إن أهل الصفة أخذ كل رجل منهم رجلا ، وتركت ، فأخذ بيدي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ومضى إلى حجرة أم سلمة ، ثم انطلق بي حتى أتينا بقيع الغرقد ، فخط بعصاه خطا ثم قال : «اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك».
ثم انطلق يمشي ، وأنا أنظر إليه من خلال الشجر ، حتى إذا كان من حيث أراه ثارت مثل العجاجة السوداء ، فقلت : ألحق برسول الله «صلىاللهعليهوآله» فإني أظن هذه هوازن مكروا برسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ليقتلوه ، فأسعى إلى البيوت فأستغيث بالناس ، فذكرت أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أمرني ألا أبرح مكاني الذي أنا فيه.
فسمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقرعهم بعصاه ويقول : «اجلسوا». فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح ، ثم ثاروا وذهبوا.
فأتى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فقال : «أولئك وفد الجن ، سألوني المتاع والزاد ، فمتعتهم بكل عظم حائل ، وروثة وبعرة ، فلا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل ، ولا روثة إلا وجدوا عليها
__________________
ـ وراجع : مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٤٤ والدرر لابن عبد البر ص ٥٩ وجامع البيان للطبري ج ٢٦ ص ٤٣ وتفسير البغوي ج ٤ ص ١٧٣ وتفسير القرطبي ج ١٦ ص ٢١٢ وو تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١٧٧ وتهذيب الكمال ج ٣٤ ص ٦٨.