يا منظرا إن نظرت بهجته |
|
أذكرني حسن جنّة الخلد |
تربة مسك ، وجوّ عنبرة ، |
|
وغيم ندّ ، وطشّ ما ورد |
والماء كاللّازورد قد نظمت |
|
فيه اللآلي فواغر الأسد |
كأنّما جاثل الحباب به |
|
يلعب في جانبيه بالنّرد |
تراه يزهو إذا يحلّ به ال |
|
مأمون زهو الفتاة بالعقد(١) |
تخاله إن بدا به قمرا |
|
تمّا بدا في مطالع السّعد |
كأنّما ألبست حدائقه |
|
ما حاز من شيمة ومن مجد |
كأنّما جادها فروّضها |
|
بوابل من يمينه رغد |
لا زال في رفعة مضاعفة |
|
متمّم الرّفد واري الزّند(٢) |
وقال في وصف هذا المجلس بعينه ، في الكتاب الذي أفرده لترجمة ابن السيد ما صورته : فمن ذلك أنه حضر مع القادر بالله بن ذي النون بمجلس الناعورة بطليطلة في المنية المتناهية البهاء والإشراق ، المباهية لزوراء العراق ، التي ينفح شذاها العطر ، ويكاد من الغضارة يمطر ، والقادر بالله رحمه الله قد التحف الوقار وارتداه ، وحكم العقار في جوده ونداه ، والمجلس يشرق كالشمس في الحمل ، ومن حواه يبتهج كالنفس عند منال الأمل ، والزهر عبق ، وعلى ماء النهر مصطبح ومغتبق ، والدولاب يئن كناقة إثر حوار ، إلى آخر ما سبق.
وقال الفضل (٣) في وصف هذا المجلس حاذيا حذو الفتح ، ما صورته : حضر الأستاذ أبو محمد بن السيد أبو محمد بن السيد عند المأمون ابن ذي النون في بعض منتزهاته في وقت طاب نعيمه ، وسرت بالسعود نجومه ، والروض قد أجاد وشيه راقمه ، والماء قد جرت بين الأعشاب أراقمه ، وثم بركة مملوة ، كأنها مرآة مجلوة ، قد اتخذت سباع الصّفر بشاطئها غابا ، ومجّت بها من سائغ الماء لعابا ، فكأنها آساد عين ، أدلعت ألسنة من لجين ، وهي لا تزال تقذف الماء ولا تفتر ، وتنظم لآلي الحباب بعد ما تنثر ، فأمره بوصف ذلك الموضع ، الذي تخد (٤) إليه ركائب القلوب وتوضع (٥) ، فقال بديها يا منظرا إلخ ، انتهى.
ثم قال الفتح في هذا التصنيف بعد كلام في المذكور ، ما نصه : وما أبدع قوله في وصف
__________________
(١) في ه : تراه يزهى.
(٢) في ه : لا زال في عزه.
(٣) في ه : وقال ابن ظافر.
(٤) وخد الجمل : أسرع ورمى بأرجله كالنعام.
(٥) أوضعت الناقة : أسرعت. وأوضعتها : جعلتها تسرع.