تنكّرت الدّنيا لنا بعد بعدكم |
|
وحفّت بنا من معضل الخطب ألوان |
أناخت بنا في أرض شنتمريّة |
|
هواجس ظنّ خان والظّنّ خوّان |
وشمنا بروقا للمواعيد أتعبت |
|
نواظرنا دهرا ولم يهم تهتان |
فسرنا وما نلوي على متعذّر |
|
إذا وطن أقصاك آوتك أوطان |
ولا زاد إلّا ما انتشته من الصّبا |
|
أنوف وحازته من الماء أجفان |
رحلنا سوام الحمد منها لغيرها |
|
فلا ماؤها صدّا ولا النّبت سعدان(١) |
إلى ملك حاباه بالمجد يوسف |
|
وشاد له البيت الرّفيع سليمان |
إلى مستعين بالإله مؤيّد ، |
|
له النّصر حزب والمقادير أعوان |
جفتنا بلا جرم كأنّ مودّة |
|
ثنى نحونا منها الأعنّة شنآن(٢) |
ولو لم تفد منّا سوى الشّعر وحده |
|
لحقّ لنا برّ عليه وإحسان |
فكيف ولم نجعل بها الشّعر مكسبا |
|
فيوجب للمكدي جفاء وحرمان |
ولا نحن ممّن يرتضي الشّعر خطّة |
|
وإن قصرت عن شأونا فيه أعيان |
ومن أوهمته غير ذاك ظنونه |
|
فثمّ مجال للمقال وميدان |
خليليّ من يعدي على زمن له |
|
إذا ما قضى حيف عليّ وعدوان |
وهل ريء من قبلي غريق مدامع |
|
يفيض بعينيه الحيا وهو حرّان(٣) |
وهل طرفت عين لمجد ولم يكن |
|
لها مقلة من آل هود وإنسان |
بوجه ابن هود كلّما أعرض الورى |
|
صحيفة إقبال لها البشر عنوان |
فتى المجد في برديه بدر وضيغم |
|
وبحر وقدس ذو الهضاب وثهلان(٤) |
من النّفر الشّمّ الّذين أكفّهم |
|
غيوث ولكنّ الخواطر نيران |
ليوث شرى ما زال منهم لدى الوغى |
|
هزبر بيمناه من السّمّ ثعبان |
وهل فوق ما قد شاد مقتدر لهم |
|
ومؤتمن بالله لقياه إيمان(٥) |
__________________
(١) أخذ الشاعر البيت من المثل : ماء لا كصداء ، ومرعى ولا كالسعدان ، وفتى ولا كمالك.
(٢) الشنآن : الكراهية.
(٣) ريء : أصلها : رئي. والحيا : المطر. وحرّان : شديد العطش.
(٤) الضيغم : الأسد.
(٥) الهزبر : الأسد. وفي ب : من السمر ثعبان.